اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > جبــل أزمــر قبـلـة الطبـيعـة على شفتي مدينة إبراهيم باشا

جبــل أزمــر قبـلـة الطبـيعـة على شفتي مدينة إبراهيم باشا

نشر في: 23 يونيو, 2013: 10:01 م

واقف كجندي يرتدي خوذته الواقية من حسد الحسن، ينبض بأنفاس مدينته ،مثلما باريس تتباهى ببرج ايفلها الحديدي، السليمانية تتباهى بأزمرها ،برج ايفل من صنع الانسان، وأزمر من صنع الطبيعة، في الشتاء يرتدي لون الثلج فستانا ،وبقية الفصول يتسيد الاخضر فيها بقية

واقف كجندي يرتدي خوذته الواقية من حسد الحسن، ينبض بأنفاس مدينته ،مثلما باريس تتباهى ببرج ايفلها الحديدي، السليمانية تتباهى بأزمرها ،برج ايفل من صنع الانسان، وأزمر من صنع الطبيعة، في الشتاء يرتدي لون الثلج فستانا ،وبقية الفصول يتسيد الاخضر فيها بقية الالوان، لاوجود للخريف هناك فقد نفاه ازمر مذ وجد على هذه الأرض، منذ 229عاما والسليمانية تغفو على سفحه كمعشوقته الدائمة، تتنفس بعطر زهوره، تمادت في عشقه حد الإدمان ،وكيف لا وهو قمرها الذي لاينام وشمسها التي لاتغيب .
لا أخفيكم باني حلمت بهما الأمس فهي كانت ترتدي فستانا كرديا باللون الأحمر وعلى صدرها قلادة ورود ملونة، وهو يرتدي سروالا كرديا قهوائي اللون وفي اصبعه خاتم سليمان، ما اتذكره من الحديث الذي دار بينهما مايلي "ازمر- احبك...السليمانية-وانا اكثر...ازمر-غني لي يافتاتي...السليمانية-احبك واحب كلمن يحبك...ازمر-زيديني عشقا زيديني.. يااحلى نوبات جنوني".

متعانقان بقبل الخلود

تركتهما متحاضنان بالعشق الأبدي متعانقان بقبل الخلود وعدت ادراجي الى سباتي العميق ،منتظرا الفجر لادون بعض غزلهم في ذاكرتي، بالتأكيد الحلم يمنحنا الواقع الذي نريد لا الواقع الذي نعيش.
كانت لهفتي اسرع من اطارات العجلة التي أقلتني الى موقع الحلم الذي رأيته بالامس، ولاتعنيني فقط قمة الجبل ،بل كنت أبحث عن أمل، الأمل المفقود من عودة العافية الى ربوع بلدي المسوّر بالازمات والنكبات ،وبالرغم من يأسي التام لكني سأبحث!؟.
دخلنا شارع (60) لندخل في فضاء واسع من الترف ،مولات تتسابق في رقيها، فنادق تتزاحم بروعتها، والشار ع نفسه عبارة عن موقع ازدهار يحتضن على أرصفته لوحات لمدينة حديثة ،ها هو أزمر يشير بقمته لنا ،لكن عدنا بالاتجاه المعاكس باتجاه القرية الالمانية..القرية ...ضحكت عاليا وأنا أراها كمدينة تتنفس بكل أنفاس العمران والتطور الحديث فلل تتمادى بعمرانها وشقق تحنو على ساكنيها بروعة المكان، البناء تم وفق طراز اوربي خالص والداخل الى هناك لايشعر بغير ذلك.
حفل زفاف على الطريق
داخل القرية الالمانية كل ما تحتاجه العوائل الساكنة هناك، مستشفى، مدينة العاب متنزهات، مدارس ، فضلا عن وجود (جافي مول) الذي يلبي جميع متطلبات الساكنين هناك، وانا ارى تلك الجنة التي صنعتها ايادي المسؤولين عن اعمار تلك المدينة بضمائر نقية، التفت صوب مصيبتي بغداد لأصرخ بوجه الفاسدين المسؤولين عن خرابها متسائلا بألم الى متى نحلم؟ الى متى نندم؟ الى متى نعدم؟ الى متى نسأم؟.
تركت مدينة الأحلام وعدت الى موقع حلمي عن طريق شارع (60) على جانب الطريق تمتد بساتين الشجر وفي وسطها لفت انتباهي حفلة زفاف أقيمت في الهواء الطلق ،نساء ورجال شكلوا حلقات من الفرح والدبكات الكردية تتصاعد مع الموسيقى الشعبية المعروفة بالفلكلور الكردي الجميل ،نعم كانت القاعة سحر الطبيعة والقها في ذلك المكان ،الجميع يشاركون العروسين فرحتهما حتى المارة يطلقون زغاريد وصيحات الفرح .
المرح تحت محل إقامة الرئيس
أثناء الصعود باتجاه ازمر تجد العوائل تملأ جانبي الطريق وهي تفترش سفوح الجبل، حلقات من الشباب يرقصون على أصوات مسجلات سياراتهم ،حلقة هناك تقوم بشواء السمك ،وأخرى تقوم بشواء اللحم ،الفرح سيد المكان هناك ومجانا نعم تعتلي هذا الجبل بجميع مفاتنه مجانا ،في حين اتذكر اني حين صعدت برج إيفل كان سعر التذكرة (9)يورو.
في بداية الصعود على الجبل تجد محل اقامة رئيس الجمهورية جلال طالباني، ولا تستغرب وانت ترى حلقات الشباب وقد جلست اسفل محل الاقامة لترقص وتنعم بسعادة المكان من دون ان يتعرض لها احد، ولا اخفيكم شعوري عند رؤيتي لذلك المشهد الحضاري الرائع فقد تذكرت ايام الطاغية صدام وكيف يعاقب من يمر وليس من يجلس قرب قصوره، وكذلك المنطقة الخضراء من يستطيع الوقوف بقربها ،لكونها محل اقامة المسؤولين الجدد الذين انشغلوا بقصورهم ومكاسبهم تاركين شعبا محاطا بالنكبات والخيبات اليومية، ولو كان هذا المشهد عند جدران المنطقة الخضراء لاتهموا جميعا بالمادة (4 إرهاب)،ودعت المشهد وانا أردد مع نفسي فليديم الله صحة ذلك السياسي والوطني الحقيقي ،ومع انحناء قامته المؤقتة للمرض وارتفاع هامات المفسدين قلت ما قاله المتنبي العظيم: ملئ السنابل تنحني بتواضع ...والفارغات رؤوسهن شوامخ.
الجانبان من الطريق الملتوي المؤدي للقمة ممتلئان بالعوائل وحلقات الشباب وتجمعهم الرقصات والاغاني، اغان كردية ترافقها الدبكات ،واخرى عربية تصحبها رقصات مختلفة ،فهذه الاغاني وذلك الرقص يحيلانك الى جنوب العراق، واخرى الى الغربية، وثالثة الى بغداد، ورابعة فراتية المنشأ، العراق بأجمعه احتضنه ذلك المارد الجميل ،كل شيء هنا يدعوك للفرح، للابتسامة ،للسعادة التي نحلم بأذيالها في بغداد.
خدمة (التلفريك)
أزمر الحارس الأبدي لمدينته الساحرة يقول للجميع الحزن ليس مهنتي ،بل أنا إمبراطور السعادة والرقي وبلسم لكل جرح وأريكة العشاق الأبدية.
وأنت تتسلق الجبل تتسلق معك كابينات (التلفريك) الحمراء والبيضاء حيث تشع وكأنها النجوم في سماء الجبل لكنها نجوم متحركة فرشت ارضها لنا ليرقص الجميع في الهواء الطلق ويتمتع الجميع برؤية خيوط العشق بين الجبل والمدينة من اسفل الجبل الى قمته، في الليل او في النهار، علما ان هذه الخدمة فتحت قبل اسبوع من قبل شركة استثمار تركية، وفتحت ايضا في اعلى الجبل وبالتحديد في الدورة ماقبل الاخيرة باتجاه القمة كافتيريا ومطعم درجة اولى محاط بالورود والزهور ويسورّه سياج خشبي جميل يعبر عن هيبة المكان ورقيه، وهو ايضا محط استراحة (التلفريك) ويوجد فيه محطة لقطع تذاكر تلك الخدمة والبالغة ثمانية آلاف دينار لكل فرد، وما قيمتها امام الجنة وانت تسبح بنهر سحرها دون جهد ساق باستثناء جهد الدهشة الذي سيذهلك حتما امام لوحات الحسن التي ستراها ويعجز اي فنان او شاعر ان يترجم لوحات الجمال بحذافيرها.
نفق بيشرو
(التلفريك) ليست هي المشروع الوحيد في جبل أزمر فقد تم في عام 2009افتتاح نفق (بيشرو) الذي استغرق العمل فيه مايقارب الخمسة اعوام ،وهذا النفق يخترق جبل ازمر شمال المدينة ،ويختصر النفق طريقا جبليا وعرا طوله 15 كم ويحوله الى طريق مستقيم بطول ثمانية كيلومترات فقط، ممل يسهل حركة السيارات وخاصة ايام تساقط الثلوج على الجبل وهذا ما يقلل من الحوادث على الطريق الجبلي الملتوي، وهذا النفق يربط مدينة السليمانية مع منطقة شاربازير التابعة لقضاء جوارته شمال السليمانية وهي منطقة سياحية وزراعية، وهذا النفق يعد اول نفق جبلي في العراق ويختصر المسافة مابين منطقة شاربا زير بمدينة السليمانية مما يسهل للمواطنين نقل محاصيلهم الزراعية ببساطة الى مدينة السليمانية، ويبلغ طول النفق (2389)مترا وعرضه 5/8مترا مع (70)سم كرصيف ومترا واحدا لمد أنابيب المياه، ويبلغ ارتفاعه 65/7مترا ،وقد نفذ العمل من قبل وزارة الاعمار والاسكان وبالتعاون مع شركة (اسي جي )الايرانية، وبكلفة بلغت (18) مليونا و(200)الف دولار وسمي النفق (بيشرو)اعتزازا بالمهندس الايراني (بيشرو)المشرف على انجاز المشروع والذي وافته المنية قبل افتتاح النفق.
هربجي كرد وعرب رمز النضال
وفي ازمر عين ماء فضلا عن وجود مدينة العاب في سفح الجبل ومرافق سياحية تقدم الخدمة للمواطنين من جميع المحافظات فأزمر كأهالي السليمانية الذين لا يفرقون بين كردي او عربي ولا ينظرون الى المذاهب بقدر ما ينظرون الى إنسانية الفرد وسلوكه، وفعلا هذا الشعور يحيلك الى ترديد الاغنية التاريخية(هربجي اي معناها (هلهلي)هربجي كرد وعرب رمز النضال ....من تهب انسام عذبة من الشمال ...على ضفاف الهور تتفتح كلوب....لو عزف عالناي راعي بالشمال....عالربابه يجاوبه راعي الجنوب...هربجي كرد وعرب رمز النضال)،على قمة الجبل التي تشعر بها وكانها مرآب للسيارات التي تشير لوحات الارقام فيها الى حجم الوحدة الوطنية ولحمة العراقيين التي يحاول البعض تمزيقها، فهذه العجلة لوحاتها تشير الى العاصمة بغداد وتلك تشير الى محافظة البصرة ،وتلك الى الانبار وهذه ،النجف ،وتلك دهوك، لترى العراق يضحك موحدا فوق الجبل الساحر بكل شيء.
الليل فوق أزمر
اتفقنا انا ومجموعة من الاصدقاء ان تكون جلستنا اليوم فوق قمة الجبل فتجهزنا بجميع ما تتطلبه الجلسة ،ليكون السمر في اجمل حالاته وحتى العشاء يكون هناك فكنا ستة اشخاص مع وجود سيارة خاصة لتقلنا الى الجبل ثم تعود بنا الى محل الاقامة ،الطقس عند الغروب كان اكثر من منعش، هناك فتاة مع شاب يقومان بتوزيع المأكولات على مائدة طعام مخصصة والكراسي مخصصة للسفر ،صوت سعدي الحلي يخرج من احدى السيارات التي تشير لوحة ارقامها الى محافظة بابل ،من سيارة اخرى تخرج موسيقى كردية وتتعالى صيحات الشباب ورقصاتهم، كل شيء يقول هنا السرور في ذروتها والسعادة في القها، خرج صاحب السيارة عن التاسعة مساء لارتباطه بعمل وقال لنا سأعود عند الساعة العاشرة، وما ان نزل الجبل حتى اخذت اجسامنا جميعا بالرجفان من شدة البرد ونحن في شهر حزيران، نعم فكرنا ان نغطي انفسنا من البرد بالسجادة التي نجلس عليها، مع شدة البرد التفت الى مصيبتي حبيبتي بغداد لأسألها عن درجة الحرارة فيها،وما ان عاد منقذنا حتى شرعنا بالهروب من البرد داخل السيارة ،ونحن نردد بلوعة بغداد واهلها (هلبت كسرنه بخاطر الله).
والى حكاية أخرى من حكايات هذا وطني

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تربوي يشيد بامتحان "البكالوريا" ويؤكد: الخطا بطرق وضع الأسئلة

إطلاق سراح "داعشيين" من قبل قسد يوتر الأجواء الأمنية على الحدود العراقية

(المدى) تنشر مخرجات جلسة مجلس الوزراء

الحسم: أغلب الكتل السنية طالبت بتعديل فقرات قانون العفو العام

أسعار صرف الدولار في العراق تلامس الـ150 ألفاً

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram