TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مشعول الصفحة

مشعول الصفحة

نشر في: 23 يونيو, 2013: 10:01 م

العلامة الراحل محمد بهجة الأثري ، تولى منتصف عقد التسعينات من القرن الماضي مهمة تصحيح ما كان يعرف بالدستور العراقي الدائم ، طرحه النظام السابق وقتذاك كأحد الادعاءات في تحقيق الإصلاح ، ومهمة الراحل الأثري كانت تتعلق بتصحيح الأخطاء النحوية واللغوية فقط ، ولا تتعدى هذه الحدود .
احد العاملين في احدى الصحف الرسمية وقتذاك ، اجرى مقابلة مع العلامة الراحل الأثري لتسليط الضوء على عمله ، وملاحظاته على ما ورد في الدستور من الناحية اللغوية ، فخرج الصحفي بعنوان ثبته بمسودة مادته قبل نشرها " الأثري يصحح أخطاء الدستور " وحينما اطلع مسؤول الصفحة على العنوان خاطب الصحفي بالقول :" يا عمي تريد تورطنا اكو صحفي يختار هذا العنوان تريد تودينا بداهية " دافع الصحفي عن موقفه، وبعد شد وجذب والاستماع إلى نصائح وإرشادات حول رسالة الإعلام ومسؤوليته ، اقتنع بتغيير العنوان ، حفاظا على الصحفي والعلامة الأثري ، ومسؤول الصفحة وحتى رئيس التحرير من التعرض للمساءلة والاستجواب وربما العقوبة من اكتشاف "أخطاء الدستور" الذي كان يوصف بانه يتضمن تحقيق النظام الديمقراطي من وجهة نظر " قيادة قطر العراق " "ومجلس قيادة الثورة " .
في اليوم التالي نشرت المادة تحت عنوان جديد مع مقدمة كتبها مسؤول الصفحة ، تشيد بخطوة طرح دستور جديد ، أما ملاحظات العلامة الراحل فكانت تغيير مفردة الفترة إلى مدة لان الأولى تعبر عن زمن طويل يبلغ ثمانين عاما ، وتغيير مفردة تشكيل إلى تكوين او تأليف ، وغيرها من الملاحظات الأخرى التي لا تتطرق من قريب او بعيد إلى مضامين المواد الدستورية .
المادة المنشورة التي أطاحت بأحلام وتطلعات الصحفي الشاب لم تثر اهتمام احد كما كان يتوقع ، فحمل "مشعول الصفحة " أي مسؤولها تفريغها من مضمونها الحيوي ، وجعلها بلا لون وطعم ورائحة ، ولذلك ظل هاجس الكشف عن أخطاء الدستور يشغل اهتمامه ، وبعد ان تخلص من" مشعول الصفحة " في "زمن العراق الجديد " حشد إمكانياته المهنية والمعرفية لكشف الأخطاء في الدستور الحالي ، فتوصل إلى حقيقة تؤكد ان الدساتير تكتب في أجواء أمنية وسياسية مستقرة ، بعيدا عن أي تدخل خارجي ، والدستور لا ينتجه الحزب الحاكم ، على الرغم من ان هذا الحزب يدعي الديمقراطية والدفاع عنها لحد الكشر .
الدرس الذي خرج منه الصحفي بعد سنوات هو ان لا بديل عن الاستعانة بالمختصين في كتابة الدستور ، و يطرح بعد ذلك أمام السياسيين ، ثم بعد ذلك يتم الاتفاق على إقراره بعد عرضه للاستفتاء الشعبي .
الحياة السياسية في العراق وفي الكثير من الأحيان وكما هو الحال في معظم دول المنطقة تلجأ إلى وضع العربة أمام الحصان ، ثم يتباكى الجميع على تعثر المسيرة ، ووقوفها في محطة واحدة من دون حركة ، وهذا الوضع لم يلتفت له احدهم ويعلن بكل شجاعة بان القضية تحتاج إلى تصحيح جذري ووقفة جادة لإزالة الألغام من الدستور قبل اشتعال صفحة من أسس ووضع حجرا في بناء اعوج

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram