TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > وعاظ دولة القانون ينصحون "الرئيسة"

وعاظ دولة القانون ينصحون "الرئيسة"

نشر في: 23 يونيو, 2013: 10:01 م

الرئيسة البرازيلية "ديلما روسيف" سعيدة بالتظاهرات التي تعم البلاد، فقد خرجت على مواطنيها الذين ملأوا الشوارع والساحات، يهتفون ضد الدولة لأنها زادت أجور النقل العام.. لتقول لهم: "انني فخورة بكم لأنكم فتحتم أعيننا على ما كنا لا نراه، وانا ادعم مطالبكم، وأوعدكم ان الحكومة ستعمل المستحيل على تلبيتها.. أنا فرحة جدا وسعيدة لأنكم شعب حي وتحبون بلدكم".
لو سألت أي مواطن عراقي عن فرحة رئيسة البرازيل، لأن المواطنين هاجموا سياساتها وقراراتها، فقد يموت قهرا، أو ضحكا، لكنه في النهاية سيعتبر ان السيدة الرئيسة مصابة بتخلف عقلي.. فالمواطن اعتاد ان يسمع نوري المالكي يصف معظم المتظاهرين بانهم مجرد فقاعات، تتلقى امولاً نتنة من دول مارقة، لا تريد الخير للعراق، ويتذكر ايضاً ان السيد رئيس مجلس الوزراء، سبق ان وصف متظاهري شباط عام 2011 بانهم حفنة من الإرهابيين.
خطاب رئيسة البرازيل يبدو للمواطن العراقي غريب وعجيب، لانه يدخل في خانة المستحيلات، فنحن نعيش في ظل مسؤولين مصابين بداء الزعامة، يحلمون بان يستيقظوا فيجدوا انفسهم وقد صاروا مثل "أباطرة روما"، الكل يتحدث عن الديمقراطية ودولة المؤسسات والقانون، لكنه لا يفرق بين إدارة دولة وافتتاح "دكان"، ويعتقد أن الوجه "العبوس والمتجهم" هو الذي يبني اقتصادا قويا ونظاما اجتماعيا متماسكا.
المواطن البرازيلي الذي خرج يحتج، يعيش مطمئنا، لأن قادته و في سنوات معدودة رفعوا دخل البلاد إلى مئات من المليارات، من يصدق ان دولة بحجم البرازيل كانت حتى عام 1999 تعاني من نقص في السيولة، يتجاوز حجم مخزونها النقدي اليوم مئات المليارات من الدولارات.. الأرقام تنعكس على حياة الناس وأمنهم واستقرارهم، لتجعلهم يشعرون بأن هذه البلاد صار لها دور ومكانة حقيقية في هذا العالم.
شجاعة وجرأة تحسب لمسؤول، حين يظهر على الملأ ليخطئ المنهج الذي خطته حكومته، حتى وان كانت الأخطاء خارج حدود قدرته، الهدف من ذلك كله هو أن تشعر البلاد أنها تسير في الطريق الصحيح، وان سياسة الحاكم تصب في خدمة الازدهار والتطور، والأهم خدمة الناس جميعا، وان المسؤول عليه أن يتصرف بمسؤولية كاملة حتى مع الأزمات البسيطة.
اما نحن نعيش مع مسؤولين اتفقوا على طريقة واحدة فى الحكم، طريقة أهل الثقة، أو أهل الطاعة الذين يدينون بالولاء للحاكم.. استقالت الدولة من وظيفتها الاجتماعية، وتصاعدت لعبة استغلال الدين والطائفة والعشيرة. لنجد مسؤولينا يعيدوننا الى الوراء وبأدوات ديمقراطية.. ليتحول الحاكم من موظف الى "رب للعائلة" أو"مختار للعصر"..
ما أسهل أن تدغدغ مشاعر البسطاء من الناس بالأحلام، وما أسهل أن يصدقوك، لكن ما أصعب أن تنجو من ثمن عدم تحقيقك لأحلامهم، عندما تحين ساعة حسابهم لك، ستجد نفسك وجها لوجه مع ثمار الفشل والكذب والانتهازية، كان هذا الدرس الذي تعلمه قادة البرازيل من تجارب سابقة، فاختاروا أن يقدموا للناس منجزات لا وعودا.
بالأمس أشاوس دولة القانون شمروا عن سواعدهم وسخروا من حكام البرازيل، بل ان احدهم خرج علينا ليصف تجارب هذه البلدان ويقصد تركيا والبرازيل بانها تجارب فاشلة، وان حكامها اعداء للديمقراطية، على حد تصريح كوميدي للنائب عزت الشابندر.
الحرب العالمية التي يخوضها نشطاء دولة القانون ضد اردوغان والبرازيل، والتي تقودها كائنات حزبية منقرضة، ذكرتني بحرب شبيهة لايزال يقود لوائها النائب محمد الصيهود ضد أوباما حين حذره امس قائلا:"لا أوباما ولا غيره له حق التدخل في شؤون سوريا وفرض نظام جديد عليها" ولم ينس الأخ الصيهود ان يعتبر أوباما طائفيا لانه حسب "ظنونه" يريد أقصاء الشيعة.. طبعا النائب الصيهود لم يهدد بقطع يد أوباما، ولكنه مثل عباس البياتي اعتبر ان زمن الإمبريالية الأمريكية، قد ولى، وبالتأكيد لم يشرح لنا الأخوة البياتي والصيهود عن اية إمبريالية يتحدثون، فأوباما ورفاقه هم أصحاب الفضل في ان يجلس سادتنا الأشاوس على كراسي السلطة.
انظر إلى رئيسة البرازيل وهي تتحدث بفرح عن تظاهرات بلادها، وانظر إلى وجوه مسؤولينا، فأجدها باهتة تفتقد الرؤية والقدرة على الهام مجتمعهم، ساسة نشعر بالحسرة كل يوم على وجودهم بيننا، ونرفع أيدينا إلى الله داعين: اللهم امنح ساستنا ابتسامة شبيهة بابتسامة "ديلما روسيف".. تدفع صاحبها للعمل بعقل مفتوح.. وندعوك اللهم ان تبعد عنا الوجوه المكفهرة، التي أوصلت مهنة السياسة إلى أسفل سافلين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. aliraqi

    عاش قلمك بردت كلبي

  2. مواطن

    من هم ساستنا!!؟؟ هذا السؤال يجب ان يسأل ,وما هو تأريخهم؟؟

  3. رياض الحواس

    كلتا امل بان يحدث تغييرا خلال انتخابات 2014 اما اذا بقي سياسيي الصدفه جاثمين على صدورنا فلن تقوم لنا قائمه

  4. أبو هبة

    للأسف عدة مرات كتب إضافة تعليق لكن للأسف لم أجده ولم اجد رد عليه ، المفروض من اللياقة الأدبية يكون الرد حتى للاعتذار من نشره ، أرجو ان اجد الرد مع التقدير. أبو هبة

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram