TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كناغر تفترس الأسود

كناغر تفترس الأسود

نشر في: 17 أكتوبر, 2012: 05:53 م

في المعادلة العراقية السائدة والخاضعة  لعوامل سياسية وأخرى تتعلق بالنظرية المزاجية الحزبية في إدارة الدولة ومؤسساتها، أصبح صاحب الشهادة الجامعية عامل خدمة أي "فراش" في دائرة رسمية يقودها شخص يدعي انه حصل على اربع شهادات عليا ، ووضع سيرته العلمية في(( جرجوبة))  كبيرة على جدار الاستعلامات لكي يطلع عليها المراجعون ، لترسيخ قناعاتهم أن  المدير تكنوقراط ، وله بحوث علمية في تخصصه نشرها على " قالب الثلج" بحسب المثل  الشائع والمتداول بين أهالي محافظة بابل، ومنهم الشاعر الحلاوي المعروف موفق محمد الذي طالما صرخ واستغاث من ظاهرة هيمنة  أصحاب الشهادات "الكلك" أي المزورة على المناصب والمواقع في الدولة ، ولكن لا استجابة لصراخه في زمن ارتفاع الأصوات المدافعة عن منجزات وهمية توصف بأنها جعلت الشعب العراقي  صاحب اعلى دخل في المنطقة ، وهذه العبارة هي الأخرى مكتوبة على قالب الثلج .
المعادلة السائدة المبتكرة في بلادنا  تقول إن باستطاعة مرشح حصل على  سبعة أصوات  من الناخبين شغل مقعد في مجلس النواب ليكون ممثلا  للشعب ، علما أن حصيلة الأصوات  تعود لعناصر حمايته  وسائق سيارته المدرعة ، في حين من حصد آلاف الأصوات  لم يصل الى البرلمان ،  فضرب النظام الانتخابي الديمقراطية من الخلف ، وبرغم ذلك هناك من يقول بان الحكومة منتخبة ، وهي جادة في بناء دولة المؤسسات ، وتحقيق الرفاهية في زمن استثنائي ، وهذا  أيضا كتب على قالب الثلج .
قالب الثلج ليس رقما طينيا سومريا يحفظ  نصوصه ، فمع ارتفاع درجات  الحرارة تذوب المبادئ والشعارات، وتختلط الشهادات العليا مع  المزورة ، وهنا يضيع الحساب  لسبب يتعلق بالوزان المسؤول عن الميزان أي المكلف باعتماد المعايير الثابتة في إدارة شؤون تتعلق بضمان حقوق الرعية وواجباتهم.
مباراة المنتحب العراقي مع نظيره الاسترالي البعض وصفها بأنها كانت ميدانا لإثبات الحضور والتفوق ، ولكنها انتهت  بنتيجة  "كناغر تفترس الأسود " وهذا الوصف اخذ بعدا سياسيا عبر شبكة التواصل الاجتماعي من خلال التعليقات المنشورة، فاحدهم  اتهم  زعيم القائمة العراقية إياد علاوي  بأنه وراء خسارة المنتخب لأنه يصر على مواقفه المعرقلة لتطوير الأداء الحكومي ، وآخر أشار الى إمكانية أن يبعث رئيس الإقليم مسعود البارزاني بوفد إلى استراليا لتقديم التهنئة بمناسبة اندحار الأسود، وجعلهم مضحكة للكناغر والواوية، ومعروف مصير الأسد عندما يهرم فيصبح ضحية الواوي.
أثناء إقامة مسابقة  كأس العرب في بغداد ،  في عقد الستينيات  كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف  يحرص  على  أن يكون في مقصورة  ساحة الكشافة  لمتابعة  مباريات البطولة ولم  يتدخل في شؤون الفريق  الذي استحق الحصول على كأس البطولة بجهود اللاعبين صاحب كلوي وحسن بلة وجبار رشك  وحامد فوزي وكوركيس اسماعيل  وهشام عطا عجاج ، وغيرهم وكان مدربهم  عادل بشير ضابطا بالجيش، وبصرامته  وخططه التكتيكية في ذلك الوقت، حقق للعراق انجازا رياضيا كبيرا لم يكتب على قالب الثلج، وإنما في ذاكرة الجيل السابق من الجمهور الرياضي الحزين جدا لافتراس الأسود من قبل الكناغر، ويبقى  السؤال  متى نتخلى عن قالب الثلج ونعود للرقم الطينية لندون قوانين إدارة الدولة لنحقق في اقل تقدير انجازات رياضية..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram