TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > فهلوة (سياسية)

فهلوة (سياسية)

نشر في: 24 يونيو, 2013: 10:01 م

ذات مرة، كتب على قبر احدهم "هنا يرقد السياسي والصادق فلان" حينها ظهرت مقولة لكاتب قال فيها: انها أول مرة يدفن فيها اثنان في متر واحد.. في هذه القصة أشاره إلى أن السياسة والصدق نادرا ما يجتمعان في إنسان، اذن، تكون مهمة السياسي اذا كان يشغل منصبا قياديا ان يتقن فن التأثير على الآخرين عبر كلماته ومنطقه لأننا في عصر ذي موصفات جديدة، اذ لم يعد التفوق فيه يعتمد على التميز والصدق بقدر ما يعتمد على الشطارة والقدرة على الإقناع والوصول الى عواطف الناس وانفعالاتهم وتحريكها بما يخدم مصلحة السياسي....قد تراودكم مثل هذه الأفكار حين تجلسون أمام شاشات التلفاز فيبرز بين دقيقة وأخرى رجل سياسة يتحدث بلغة العصر الاستعراضية ويسبغ على حديثه حجج الإقناع والتأثير في الآخرين ليصدقه الناس وبالتدريج، يجد البعض انفسهم عاجزين عن فهم ما يدور حولهم فالكل يريد ان يصدق الناس حجته ووسائل الإقناع تزداد " فهلوة " مع كل تصريح جديد ومعها تزداد الحيرة والعجز عن فهم ما يدور حولنا..
ولأن الصدق قارة لم تكتشف بعد، مازال العديد من المسؤولين يواصلون الخوض في وحل الفساد المالي والإداري مستخدمين كل وسائلهم لفضح ملفات بعضهم البعض وإدانة احدهم للآخر بتهمة الفساد عسى ان يصدق المواطنون اتسامهم بالصدق والأمانة والنزاهة بينما يواصل العراق بالتالي تسلقه سلم اكثر الدول فسادا في العالم..ولكن، هل تقع مسؤولية الفساد على المواطن ذاته كما يقول بعض أعضاء هيئة النزاهة لأن عليه ألا يصمت حين يرى الفساد وان يبلغ الجهات المختصة..قد يسلك اغلب المواطنين هذا السلوك لكيلا يتحولوا الى شياطين (خرسان) فهم المتضررين قبل غيرهم من الفساد لكن شجاعتهم في قول الحق وكشف الفساد تنتهي عند هذا الحد وتبدأ مهمة الجهات المسؤولة بمحاربة الفساد ومعاقبة الفاسدين والمفسدين، وهنا تكمن المشكلة، فمن المعروف حاليا ان الفساد السياسي في العراق اكثر من الفساد الوظيفي وان موظفا يمد يده ليغرف من خيرات بلده بسبب حاجة مادية او شهوة لا تقاوم أمام المال العام معللا سلوكه بأحقيته في اخذ ما يعود اليه أصلا لا يقارن حقيقة بسلوك المسؤول الذي يدافع عنه ليعم الخير على الاثنين معا او الكتلة الحزبية او الجهة السياسية التي تأوي السارقين وتحميهم مقابل ما يدفعونه كضريبة تضمن حمايتهم...
الفساد في بلدنا اذن سياسي قبل كل شيء وما حصل قبل الانتخابات لهو مثال بسيط عليه فقد شكل البعض أحزابا ضمت أولادهم وأقاربهم للحصول على مال اكثر من مموليهم، كما تمكن البعض من توظيف المقربين منه ضمن هيئات مراقبة الانتخابات ليضمنوا حصولهم على الرواتب أولا ثم مساعدتهم لهم في ملء الاستمارات الفارغة بأرقامهم الانتخابية وزجها في الصناديق لزيادة عدد أصواتهم...والأمثلة على الفساد السياسي في بلدنا لاتعد ولا تحصى فهناك ازدواجية الجنسية التي استغلها بعض المسؤولين في الفرار من البلاد في حالة أدانتهم بالفساد وتبادل القاء الكرات في ملاعب بعضهم البعض لدفع تهم كبرى عن انفسهم كصفقات الأسلحة وأجهزة كشف المتفجرات وتمويل الإرهاب فضلا عن شهاداتهم المزورة وغير ذلك..
بلدنا الرائع متخم بقصص سياسية تؤهله للفوز بمركز متقدم في سباق الفساد العالمي بينما يفشل مجلس النواب بالقيام بدوره الرقابي الذي يقع ضمن مهامه الأساسية كما يقول الدستور مادامت هناك توافقات سياسية تغطي على فساد النواب انفسهم...ولأن العفن ينتشر في جسد السمكة كلها اذا أصاب الفساد رأسها فلا سبيل اذن إلى نجاح قرار كشف الذمم المالية للمسؤولين مؤخرا ما داموا يتمتعون بحماية (الرؤوس الكبيرة) الفاسدة!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram