حازم مبيضيناصطدمت جهود واشنطن لاستئناف عملية التفاوض بين الفلسطينيين والاسرائيليين, برفض حكومة نتنياهو وقف توسيع المستوطنات, والمؤسف أن النتيجة كانت رضوخ الإدارة الاميركية لذلك, بل وتبني الموقف الاسرائيلي, في خطوة تنذر بانهيار العملية السلمية من أساسها,
وتعود بالفرقاء إلى المربع الأول, المرفوض فلسطينياً وعربياً, وليس مجدياً إعلان الاميركيين التزامهم اللفظي, بالتوصل إلى سلام شامل من خلال حل الدولتين, ويبدو مثيراً للاستهجان, النظر بجدية إلى إعلان أوباما أن عملية سلام الشرق اﻻوسط على رأس اولوياته, فيما لم تثمر تحركات إدارته عن شيء يذكر حتى اﻵن, لكونها تحركات تتم على إيقاع التعنت الصهيوني, وتسعى لجر الفلسطينيين والعرب للرقص على ذلك الايقاع. لن يتمكن عاقل من إلقاء اللوم على الرئيس الفلسطيني محمود عباس, وهو يرفض استئناف التفاوض قبل الوقف الكامل للاستيطان, بما في ذلك ما يسمى النمو الطبيعي, خاصة وهو يرى أن الوﻻيات المتحدة اﻷمريكية لم تقدم شيئاً يحرّك عملية السلام, ويعتبر أن موقف واشنطن غير منطقي, وهي تقبل وتتبنى موقف اليمين الاسرائيلي بتجميد اﻻستيطان لستة أشهر, وبما يعني عدم إيقاف اﻻستيطان بشكل كامل, وهو شرط ﻻستئناف العملية تنفيذاً لرؤى الرباعية الدولية, قبل أن نتحدث عن حقوق الفلسطينيين, وبديهي أن ذلك لايعني وجود خلاف بين السلطة وواشنطن حول استئناف عملية السلام, ﻷن واشنطن تتفاوض مع تل أبيب التي تعطل العملية, ولا تتفاوض مع الفلسطينيين, الذين لم يغيروا موقفهم بشأن بدء المفاوضات التي يجب ان تتسم بوضوح المرجعية. ليس مفهوماً اقتناع وزيرة الخاجية الاميركية باصرار نتنياهو على أن ﻻ يشمل وقف اﻻستيطان ٣٠٠٠ وحدة استيطانية قيد البناء، وأن يتم استثناء القدس والمباني العامة من أي تجميد، مقابل إمكانية بحث اﻻنسحاب إلى حدود ما قبل انتفاضة اﻻقصى, وليس مقبولاً محاولة اقناع الجانب الفلسطيني باستئناف التفاوض, بحجة أن هذا ما أعطاه الاسرائيليون, وفي مشهد يبدو فيه جورج ميتشل وكانه حمام زاجل, مكلف بنقل المواقف بين الطرفين, وليس طرفاً أساسياً, يمكنه الضغط هنا أو هناك, كلما تيقن أن مواقف طرف ما تعطل المسيرة, وتعرقل التوصل إلى الحل الضامن لإقامة الدولة الفلسطينية العتيدة. وبعد هذا الخضوع الاميركي لتعنت نتنياهو, سيكون معيباً على الفلسطينيين والعرب, لو اقتنعوا بتعهد وزيرة الخارجية الاميركية بالتزام أوباما بإقامة الدولة الفلسطينية خلال سنتين، وأن اﻻدارة اﻻمريكية تعتبر اﻻستيطان غير شرعي، ولا بتعهدها أن الاميركيين سيعلنون أن الضم اﻻسرائيلي للقدس المحتلة غير شرعي وغير مقبول، فاذا كانت هذه الادارة تعتبر أن الاستيطان غير شرعي, فلماذا لاتضغط اليوم لوقفه نهائياً, ولماذا لاتضغط لازالة المستوطنات غير الشرعية, التي تنمو على الارض الفلسطينية, وهي تشكل بؤرة للاستفزاز اليوم وستكون عقبة كأداء على طريق الحل, كلما كبرت وكثرت أعدادها. استئناف التفاوض ليس هدفاً, إن لم يكن الهدف الوصول إلى حل يضمن قيام الدولة الفلسطينية, أما التفاوض تحت ضغط الاستيطان, فيجب أن يظل مرفوضاً, ويجب على الفلسطينيين التمسك بوجوب وقفه بشكل كامل ونهائي, وضرورة تحديد مرجعية للمفاوضات كمدخل أساسي ﻻستئنافها من النقطة التي انتهت عندها قبل توقفها, والتشديد على أن طرفة الدولة المؤقتة أوالحلول المؤقتة، مرفوضة تماماً, وبما يضع إدارة أوباما أمام مسؤولياتها الدولية قبل أن نتحدث عن مسؤوليتها الاخلاقية.
خارج الحدود: موقف أميركي غريب
نشر في: 2 نوفمبر, 2009: 05:38 م