للمرة الأولى في حياته، يحالف الحظ فاخر الحجامي، عندما قرر الهجرة الى الولايات المتحدة، ولم يتعرض كغيره من العراقيين المهاجرين الى دول أوروبية لتهديد بالعودة القسرية او الإجبارية الى بلدهم،وسط غياب أية إجراءات تمنع إعادتهم.
أبو رافد المقيم حاليا في ولاية مينيسوتا، وايماناً بافكاره والتزاما بشعاره الداعي لنصرة المظلومين، ومواجهة الظلم، بعث برسالة الى نجله المقيم في بغداد الاعلامي إياد الملاح، عبر فيها عن اسفه الشديد لما يتعرض له العراقيون في دول أوروبية أحبطت آمالهم في ان تكون ملاذا آمناً لهم، يمضون فيه بقية اعمارهم بعيدا عن براميل البارود المنتشرة في الاراضي العراقية.
اعتاد ابو رافد ومنذ خوضه المعترك السياسي، توجيه رسائل الى أبنائه متضمنة هموما عامة،ووصايا بتحمل ضريبة العمل النضالي، لأنه السبيل الوحيد لإقامة نظام ديمقراطي يوفر العيش الرغيد لأبناء شعبه، وهذا الهدف وغيره لا يتحقق الا من خلال تضحيات جسام.
الصفحة الاولى من رسالة ابي رافد، جعلت نجله الإعلامي يستذكر رسائل أبيه السابقة عندما كان يرسلها من السجن، ليثبت الأب لبني حجام عشيرته انه حامل الراية النضالية، ولن يتنازل عنها مهما قدم من تضحيات، وفي مقدمتها ترك الأبناء مع أمهم من دون دخل ثابت، فشمّر الأبناء عن سواعدهم، ودخلوا ساحة العمل لتوفير المصروف اليومي، لتلبية متطلبات المعيشة مع استمرارهم بالدراسة للحصول على شهادات جامعية.
امضى ابو رافد قرابة ستة اشهر في الولايات المتحدة، وبعد اسبوع من إقامته راجع حساباته وقناعاته الفكرية السابقة، مستذكرا سيارته من نوع لادا موديل عام 75، وإصراره على اقتناء هذا النوع من السيارات اعتزازا وتقديرا للصناعة السوفيتية الروسية حاليا، ضاربا عرض الحائط ملاحظات بعضهم بانها لاتصلح للاجواء العراقية، وفي احد الايام حصل خلل ميكانيكي، وانتهى المطاف بسيارة اللادا حديدة في شارع الشيخ عمر.
ما ذكره الإعلامي الملاح عن أحوال أبيه، انه تطوع للعمل بلا اجر في مكتبة عامة بالولاية بعد ان وفروا له الكتب المطبوعة باللغة العربية، استجابة لرغبته في الحصول على روايات ومجاميع قصصية ودواوين شعر، والقائمة لم تتضمن كتبا سياسية، وهذا ما أثار ارتياح شريكة حياته لأنها تعتقد بان الكتب السياسية هي السبب في معاناة الأسرة طيلة عشرات السنين الماضية وتلك الكتب، المعروفة بانها تثير سخط وغضب السلطة متوفرة في الولاية لكن الرجل لم يقترب منها.
من ولاية أميركية ارتفع صوت يطالب بمنع عودة العراقيين من دول أوروبية، عسى ان يسمعه من يعنيه هذا الأمر، وأبو رافد صاحب ذلك الصوت ومنذ اتخاذ قرار إنقاذ نفسه من تركة ثقيلة بالهجرة الى الخارج، يشعر الآن بان الآخرين مثله يحتاجون الى ملاذ آمن لإعادة حساب العمر من جديد، وإعادة النظر بقناعات قديمة ترسخت في الذاكرة، ومنها الدفاع المستميت عن سيارة اللادا بوصفها فخر الصناعة الاشتراكية، ولتسقط الإمبريالية.
عراقي فـي أميركا
[post-views]
نشر في: 25 يونيو, 2013: 10:01 م