TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > فرصة لفتح ملف العسكر؟

فرصة لفتح ملف العسكر؟

نشر في: 25 يونيو, 2013: 10:01 م

أولويات الشهور المقبلة تحتم علينا صوغ معنى سياسي كبير للتعديل المهم في قانون المحافظات الذي اعتبر نهار الأحد، نصرا لدعاة "اللامركزية" يلبي مطالب واسعة من نينوى حتى البصرة. وتراجعا للاتجاه الذي يبشر بحكم البلد بقوة "الأغلبية" التي لم تعد موجودة بالمعنى المقصود لدى المبشرين بها. ومن الواضح ان الحراك المنسق داخل البرلمان بدأ يعلن بهدوء ظهور "أغلبية سياسية" من نوع آخر، ومن كل المكونات، نجحت طيلة اثني عشر شهرا في إعادة تعريف دورها ولملمة جهود مسؤولة لا لمجرد مناكفة رئيس مجلس الوزراء، بل بالعمل على جانبين مهمين وحيويين. الأول هو إعداد قوانين مؤسسة لتقاليد جديدة تعيد الاعتبار لدولة التعدد وتكرس الانفتاح السياسي، ابتداء من قانون مجلس القضاء الأعلى الذي يكسر احتكار العدالة ويفرز بين المجلس والمحكمة الاتحادية، وقانون تحديد الولايات، وليس انتهاء بتعديل قانون المحافظات الذي نجح في منح الحكومات المحلية مفهومها وصلاحياتها الدستورية بعد أعوام من تجاهل ذلك ومحاولة إبقاء "كونترول عتيق" داخل غرفة شخص يحلم بأنه "رئيس كل شيء". والثاني هو محاولة تخفيف الاحتقانات القومية والمذهبية، ففي اللحظة التي شهدت تورط الفريق السياسي والعسكري للحكومة، بأكثر من خطأ وضع البلاد على شفا حرب داخلية قرب الجبل وعلى اطراف الصحراء، وجد الاتجاه الداعي للتصحيح والذي اعلن عن نفسه بوضوح في لقاءات أربيل والنجف العام الماضي، سبلا عديدة لتخفيف الاحتقان والتدليل على حيوية النظام السياسي التي يمكن بث الروح فيها حين تتاح الشجاعة الكافية والأهداف العادلة التي تستحق المغامرات الكبيرة. اللعب في البرلمان يتحول بالتدريج الى "شغل سياسة" بالمعنى الحديث، ولأول مرة منذ سنوات يتاح للقرارات هذا المستوى من العمل المشترك، يعكس ان القوى الأساسية بدأت تبني ثقة صحيحة فيما بينها، وهذه الثقة انعكست على مجالات مهمة خارج البرلمان نفسه. وبهذا المعنى فان كل الأخطاء التي ارتكبتها "دولة القانون" كانت مفيدة للآخرين الذين تجمعوا لأول وهلة "دفاعا عن النفس في لحظة خطر داهم" ثم اكتشفوا انهم قادرون على بناء ثقة مسؤولة ستجعل الكثير من المهمات الصعبة، أمرا ممكنا. وبعد نجاح الاتجاه الداعي للمراجعة في ملفات تشريعية ومحاولات ناجحة لاحتواء "فتن" التسرع والارتجال وجنون القوة، جاءت الانتخابات داعمة لكل هذا، أي ان المسار السياسي الجديد حصل على مشروعية شعبية واسعة، قدمت حقائقها الجديدة خارطة واضحة لبرلمان العام المقبل. وقد صارت القضية اكبر من ان يحاول فريق الحكومة ان يطعن في حزمة القوانين المهمة التي مرت بثقة كاملة رغم رغباته. وقد صارت القضية أيضا اكبر من ان يخرج نواب هذه الكتلة ليسخروا من معارضيهم قائلين ان "التحالف هذا هش وضعيف وسيتبعثر". والأمر لم يعد ينفع فيه قيام بعض المؤسسات الصحفية بتكريس مساحات واسعة لتسويق "البكاء" الذي يصدر عن عدد من نواب الحكومة، بعد ان "اشتد بهم ألم النكسات العميقة". فتسويق أشياء من هذا القبيل لم يعد قادرا على إخفاء الحقائق الجديدة، لانها صادمة ومتماسكة وتستند لرغبة شعبية في التغيير ونمط سياسي لم يعتد فريق السلطان على مواجهته في السنوات السالفة. ان على جدول قوى البرلمان مهام عاجلة. ونجاحاته المتوالية في القوانين ذات الطابع الستراتيجي الذي يتولى حماية التعدد، يحتم عليه ان يفتح بقوة ملف الجيش وأجهزة الأمن التي تتوالى أخطاؤها، من أزمة التظاهرات كلها، حتى ملعب كربلاء. والسكوت على أخطاء مؤسسة الأمن ليس استهانة بالأهالي غير الآمنين وحسب، بل هو استهانة بتضحيات جنود شجعان يبذلون جهدا استثنائيا ولا شك في محاولة صناعة الأمن، بينما تخرب تضحياتهم اجتهادات أنصاف المتعلمين وإهمالات عناصر غير كفوءة جاء بها الولاء السياسي ولم تخضع للرقابة الضرورية، وشعرت بسبب الزهو الخاطئ ان بإمكانها التلاعب بمصير المؤسسة العسكرية والمواطنين على حد سواء، دون رقيب وحسيب. الاتجاه السياسي الداعي للمراجعة، ونجاحاته داخل البرلمان وقرب صناديق الاقتراع، ينبغي ان يستثمر في الملفات الأكثر خطورة، ولا شيء سيؤخر هذا، رغم تخصيص مساحات من واجهات الأخبار أحيانا، لنواب الحكومة و"انتكاستهم الروحية" التي يجربونها بعد ان لم تكن في الحسبان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. حسين العكيلي

    قراءة جميلة جدا من استاذنا الاخ العزيز سرمد الطائي

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram