TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حادث كربلاء المروّع والمشين

حادث كربلاء المروّع والمشين

نشر في: 25 يونيو, 2013: 10:01 م

هم فوق القانون.. لا أحد يقف في وجوههم.. لا يتفاهمون .. لا يَسألون ولا يُسألون.. يمكن أن يهينوا أكبر شارب لسبب تافه أو حتى من دون سبب .. لا يمّيزون بين الكبير والصغير.. لا يراعون حرمة لامرأة أو لشيخ عجوز.. أمرهم بيد المالكي ولا يسمعون من غيره!
هذا بعض ما يتداوله الناس على نطاق واسع عن قوات "سوات"، وهذه هي الصورة المتشكلة في الأذهان لهذه القوات، وهي صورة تعززها تصرفات لهذه القوات تجري امام الأعين في الشوارع والساحات، فمواكبها تسير في الطرق العامة بصورة استفزازية للغاية، تُرغم السيارات على اخلاء الطرق لها مهما كلف الأمر وكيفما كانت الحال، حتى ليخيّل الينا احياناً انهم يريدون من سائقي السيارات المزدحمة أمامهم أن يطيروا في الهواء (لماذا لا يفعلونها هم؟)، وإذا تعذر ذلك فانهم لا يترددون في تسيير سياراتهم على الأرصفة والجزرات.. عناصرها يزعقون وهم يطلبون إفساح المجال لهم، وتنم حركات أيديهم وملامح وجوههم عن علامات عدوانية وتكبرية.
لكن، والحق يقال، ان قوات "سوات" لا تحتكر وحدها هذه الصورة المذمومة التي تسري على بقية قوى الجيش والشرطة بصورة من الصور. لقد أمّلنا أنفسنا منذ عشر سنوات بان يكون لدينا جيش جديد مختلف عن جيوش الأنظمة السابقة وشرطة وطنية لا تشبه شرطة تلك الأنظمة .. جيش وشرطة يُدركان انهما من الشعب ولأجل خدمته وليس في منزلة المتسلط عليه، ويعرفان ما تعنيه الديمقراطية وحقوق الانسان والكرامة الإنسانية.
مناسبة هذا الكلام الاعتداء المروع الذي ارتكبته قوة أمنية (معظم التصريحات ذكرت قوات سوات بالتحديد) في كربلاء وأدى الى الوفاة السريرية لمدرب نادي كربلاء الرياضي اللامع محمد عباس، واصابة العديد من زملائه، وأظن انه حادث لا سابقة له في تاريخ الرياضة العراقية.
المؤسف للغاية انه بينما ندد المسؤولون الاداريون والرياضيون في كربلاء باعتداء القوة الامنية المُشين سعى المتحدث باسم وزارة الداخلية الى التخفيف منه وتبريره، متمسكاً بـ"قدسية" اللباس العسكري الذي كان يرتديه افراد القوة الأمنية عند وقوع الحادث! هل اللباس العسكري مقدس بذاته؟ أم ان احترامه يتأتى من احترام لابسه لنفسه ولمهنته ولواجبه الاجتماعي والوطني؟
حادث كربلاء المشين يتعين أن يكون مناسبة للقيادة العامة للقوات المسلحة ووزارتي الداخلية والدفاع وقيادات قوى الأمن كافة لمراجعة وضع قواتهم لجهة التقيّد بقواعد وأخلاقيات العمل العسكري والأمني في ظل نظام ديمقراطي، والالتزام بحقوق الانسان.
لكن المشكلة الحقيقية توجد في هذه القيادات، فعناصر الجيش والشرطة والأمن لا ترى التزاماً من قياداتها بهذه الاخلاقيات والقواعد لتحتذي به، والشواهد على ذلك كثيرة، تمتد من تجربة قمع التظاهرات السلمية في العام 2011 الى ما جرى في ساحة الاعتصام في الحويجة هذا العام، ومابينهما من آلاف الحوادث الأصغر التي يمثل حادث الملعب في كربلاء ذروتها.
لن نقبل أبداً بان يكون الجيش والشرطة وبقية قوى الأمن أداة للقمع.. انه انتهاك صارخ لأحكام الدستور الملزمة للعسكريين كما المدنيون، وتعدٍّ سافر على حقوق الناس وتطلعاتهم لإقامة نظام ديمقراطي يضمن الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. كاطع جواد

    الفشل الذريع في ردع الإرهاب الذي يضرب كل حي من احياء بغداد وفي اي وقت يشاء هو من يدفع قوات سوات ومن يقف خلفهم الى التصرف بهذه السادية للتغطية على فشلهم الذريع في حفظ الامن .. نعم انه التعويض عن عقدة النقص التي يصاب بها اصحاب الامراض النفسية ، الاعتداء ع

  2. كاظم القيسي

    المشكلة ليست بالقوات الامنية المشكلة بقادتها متى ماظهر المالكي واعتذر للشعب عن الذي تفعله قواته الامنية من الجيش والشرطه وحاسب المقصرين سنقول ان الديمقراطية بخير والا ماعدا مما بدا ياقادة العراق الجدد

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram