TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كلام اليوم : بمن يستجير المواطن من اعتداءات "سوات"؟

كلام اليوم : بمن يستجير المواطن من اعتداءات "سوات"؟

نشر في: 25 يونيو, 2013: 10:01 م

ارتكبت القوات الخاصة " سوات " في كربلاء ،  جريمة لا أبشع منها ، كونها طالت رياضيين ومدربهم بدم بارد يعكس القيم التي يستهدي بها ضباط وأفراد هذه " الجماعة " . وفداحة الجريمة ، تكمن  بالإضافة إلى مسؤوليتها الجنائية ، في طابعها " غير السياسي " . فهذه القوات الخاصة التي شكلتها الإدارة الاميركية ، للتحرك السريع ضد الإرهابيين ، تحولت إلى أداة إرهاب ضد المواطنين والمخالفين أو المعترضين على نهج القائد العام للقوات المسلحة . وقد تضمن سجلها مؤخراً مأثرة ذبح المعتصمين في الحويجة ، كما ظهرت في المشاهد المروعة التي تناقلها المواطنون في اليوتيوب ، وعشرات الوقائع التي جرى تداولها منذ ان تحولت شيئاً فشيئاً إلى وسيلة قمع ومداهماتٍ غير قانونية وارتكابات طاولت وزراء ورجالات الدولة الكبار .

ويدعي البعض من المحيطين برئيس مجلس الوزراء ومريديه من قادة دولة القانون وحزب الدعوة ، ان المالكي لا علم له بما يحدث! فمن يحرك هذه القوات إذن ؟ وبمن تأتمر في بغداد، ليس لمحاصرة الإرهابيين ، على افتراض أنها تفعل، بل في القيام بمهام هي من صلب واجبات الشرطة المحلية وأجهزة القضاء ، مثل إخلاء البيوت والعقارات من ساكنيها ، سواءً بدواعٍ مبررة ، أو بتعديات لا مسوغ قانونيا لها .

وقد يفتري البعض على رئيس مجلس الوزراء ، فيشيع في وسائل الاعلام ان احمد المالكي نجله ، هو من يتولى قيادة الكثير من عملياتها في بغداد . وتظل هذه الإشاعات واسعة التداول ،  دون ان ينفيها مكتب رئيس الوزراء أو يبرر طبيعة مهام هذه القوة التي يثار جدل جدي حول مدى قانونية ما تكلف به. ومن شأن هذا الصمت المريب ان يكرس في الوعي العام كل ما يشاع عن دور هذا النجل على مستويات باتت أكثر من خطيرة . وبغض النظر عن مصداقية ما يورد أو طابعها التشهيري ، فان السؤال الذي يفرض نفسه في كل مرة ، ماذا يفعل احمد المالكي في مكتب والده، ولماذا يصر رئيس مجلس الوزراء على إبقائه في مكتبه متحديا المطالبات الواسعة، العلنية والمباشرة، بتصحيح الوضع؟

وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار ، المبررات التي سيقت لتشكيل هذه القوة "غير الرحيمة"، كذراع سريع التحرك ، موازٍ لأجهزة المخابرات والرصد ، يتجاوز السياقات التقليدية البطيئة في التفاعل مع دواعي الرصد الميداني ، فلماذا انحرفت عن الهدف من تشكيلها وحادت عن مهامها، وباتت خطراً داهماً على المواطنين ، بل وكبار المسؤولين في الدولة والأحزاب والكتل السياسية؟ ولو تجاوزنا محنتا مع خروقات "سوات" ضد مواثيق حقوق لإنسان، والحريات التي كفلها الدستور، ومظاهر الاستهتار الذي تمارسه في الشوارع، فأين إنجازاتها الباهرة في مكافحة الإرهاب في معقل قيادتها ببغداد ، بعد ان اصبح الإرهاب ظلاً ملازماً لكل بيت ومسجد ومؤسسة ومواطن؟

ان من المتعارف عليه ان الاستثناء لا يتحول في السياسة إلى قاعدة ، خاصة اذا تعلق الامر باجراء طارئ يخالف ما يعتمده الدستور من ضمان للحريات ، إلا إذا حصل انحرافٌ مخلٌ في نهج النظام الديمقراطي . كما تنفي القاعدة الاستثناء في اعتماد قوانين وتدابير ، إذا ما بَطُلٓتْ مسوغات الاستثناء في تحقيق الأهداف المرجوة منها ، وإذا ما تم حرفها عن سياقاتها ومهامها .

لكن مثل هذه التساؤلات أصبحت صرخة في وادٍ ، في ظل الانفلات السياسي والأمني والانتهاكات الصارخة للدستور والتفاهمات السياسية والشذوذ عن القواعد الدستورية والتقاليد المتعارف عليها ، بعد مظاهر الانفراد في السلطة والإمعان في مصادرة الإرادة العامة وانتهاك الحرمات في غيبة معيبة للرقابة والمساءلة .

ان الاعتداء الإجرامي  طال هذه المرة مساحة مضيئةً ، ومتنفساً للشبيبة العراقية التي ترى في الرياضة والرياضيين ، قبلة لهم وأداة لتحقيق أمانيهم بالتفوق والفوز ، والتعبير عن توقهم لتكريس ذواتهم المستلبة في الحياة العامة ، والتعويض عن مشاعر الإحباط واليأس الذي يراد لهم ان يتلبسوه ، وهم يعانون الحرمان والبطالة والافق المستقبلي المبهم ، وانعدام أي وسيلة خلاقة لإظهار مواهبهم.

ولان السكوت عن هذه الجريمة التي ارتكبت كما لو ان القصد منها محاصرة الشباب ، ستشجع القائمين بها ومن يقف وراءهم، فليس أمام الرياضيين والشبيبة وقادة الرأي العام إلا إطلاق تحرك يشمل جميع المحافظات ويبدأ من تعليق كل النشاطات الرياضية والاعتصام في النوادي ، وإعلان الحداد الرمزي على ضحايا الاعتداء الآثم ، والمطالبة بالقصاص من المجرمين وكشف الدوافع والأدوات التي كانت وراء ارتكاب الجريمة .

وماذا سيفعل القضاء في مواجهة هذه الجريمة، ولن نسأل مجلس النواب، احتراما لغفوته بين اجتماعين! ولن نسأل قادة الأحزاب والكتل السياسية، فهم منشغلون في ترتيبات إعادة توازنات الحكومات المحلية!

ويبقى ان نوجه السؤال لمحافظ كربلاء الجديد، هل سيتخذ أي اجراء يعيد لكربلاء شيئاً من الطمأنينة ، في مستهل عهده!؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram