لم ينبس رئيس الاتحاد الصيني لكرة القدم لين سياو وزملاؤه ببنت شفة وهو يخضع لسيل من الأسئلة المتوالية من الإدارة العامة لشؤون الرياضة ( ممثلة الحكومة ) أثناء اجتماع طارئ مع عدد كبير من الخبراء والمدربين ومسؤولي لجان الكرة الشاطئية وخماسي الكرة أيضاً لدراسة أسباب العروض الهزيلة لمنتخب بلادهم كان آخرها الخسارة (المذلة ) حسب وصف الإدارة العامة بخمسة أهداف أمام تايلاند ودياً دفعت المجتمعين لتهيئة جملة من التوصيات وخيارات إنقاذ سمعة الكرة وفي مقدمتها إقالة المدرب الإسباني خوسيه كاماتشو ،وتم بالفعل اتخاذ قرار التخلي عنه بالرغم من أنّ قيمة عقده تبلغ سبعة ملايين دولار أمريكي وستدفع الصين الشرط الجزائي بقيمة العقد نفسه!
اللافت هنا أنّ الصحف الصينية أثنت على خطوة الحكومة ، وعدّت الأمر" نادراً ما يحدث أن تقوم الإدارة التابعة للدولة التي تقدم تقاريرها مباشرة إلى الحكومة، بالتدخل الصرف في كرة القدم المحلية " وبررت تلك الخطوة أن " هزيمة الفريق الأخيرة زادت من حدة انتقادات الصحافة والجمهور للمنتخب وللمدرب وراتبه المرتفع ".
وقبل يومين ، هددت اللجنة الأولمبية الدولية وزير الشباب والرياضة المصري العامري فاروق بتجميد النشاط الرياضي في مصر مالم يلغِ لائحتي 2011 و2013 الخاصة بانتخابات الأندية الرياضية خلال 15 يوماً ، كما أمهلته 6 أشهر لإصدار القانون الجديد للرياضة بالشروط التي أقرّتها اللجنة الأولمبية الدولية بالتنسيق مع نظيرتها المصرية ولجنة مصغرة من الأندية ، وتكون عمومية الأندية الطرف الوحيد المسؤول عن القبول باللوائح والقانون الجديد وليست الوزارة.
ماذا يعني ذلك ؟ هناك متابعة عالية المستوى ما بين الحكومة والاتحادات الرياضية المستقلة وبين اللجنة الأولمبية الدولية والمؤسسات الرياضية الحكومية للنظر في قضايا ذات أبعاد خطرة على سمعة الدول والشعوب، ولا يوجد حذر أو تخوّف من التدخل المتقابل بين (الحكومة والرياضة) طالما يتم تقبل الفكرة بمنتهى الأصول الحضارية المستندة إلى احترام مشاعر الجمهور والدفاع عن أموال البلد.
إن المثالين أعلاه دليلان صارخان يبطلان مزاعم اللجنة الأولمبية واتحاد الكرة من خطورة بسط الحكومة طاولة المناقشة لطرح توصيات يُتفق عليها لحسم قضية رياضية عالقة بين مزاج المستفيدين وغضب الناس، وللأسف أخذت وزارة الشباب والرياضة تنخرط ضمن جوق المبررين لهكذا مزاعم حتى أصبحت بياناتها تراعي مشاعر المقصرين أكثر من إدانتهم وفضح دورهم السلبي في دفع منتخباتنا الوطنية إلى الوراء وعدم القدرة على تحقيق النتائج التي يطمح لها الشارع الرياضي قبل الوسط الإعلامي ونخب المحللين والمتخصصين في شؤون تلك الألعاب.
إنّ الأحداث المتصاعدة في الوسط الرياضي أخذت (تضرب في العظم) كما يقول المثل العراقي ، من " تمرّد الاتحادات الرياضية على الحكومة في قضية الانتخابات " مثلما عبّر بالنص الدكتور حسن الحسناوي مستشار الوزارة لشؤون الرياضة أثناء اتصال هاتفي مع قناة الرياضية العراقية ، إلى موضوع قمع اتحاد الكرة التظاهرة التي قام بها نفر من الجمهور قبالة مقره باتهام القائمين عليها أنهم ينفذون خطة تآمرية لأشخاص بعينهم سبق أن اشتكوا على الاتحاد في محكمة (كاس) الدولية ، وأخيراً الانتفاضة الشعبية الساخطة لتعرض المدرب محمد عباس إلى هراوة من رجل أمن هشّمت رأسه وألقته جسداً ميتاً دماغياً لا سريرياً ولم يبق له صلة بالدنيا غير أسطوانة أوكسجين صغيرة !
فإذا كانت كل مؤشرات الوهن بادية على الكيان الرياضي في العراق تفتك بسمعته وتعبث بمقدرات شروعه نحو غد أفضل ربما يتأخر طويلاً ، أليس من حقنا أن نطالب الرقيب الحكومي بنفض غبار الأداء الرتيب لمعاينة المؤسسات الرياضية واستخدام سلاح مواجهتها المدعمة بالأدلة لتكون القرارات واقعية ومبررة ولا تغطي عن المتهمين في ما وصلت إليه رياضتنا إلى حال لا يطاق ولا يستحق المسامحة أو الصبر ؟!
هذه رسالتنا الثانية التي نوجهها بعد النداء الأول إلى وزير الشباب والرياضة جاسم محمد جعفر أول من أمس ( رياضتنا تموت يا مهندس) .وقد اعتاد الرجل على صراحتنا الموضوعية معه ، للأسف لم تكن ردة فعل وزارته تتناسب ومستوى الحدث ، وجاء بيانها فقيراً عندما اكتفى برفض الاعتداء على المدرب ومتابعة سير التحقيقات الجارية الآن ، بينما ترك المقصّر الفعلي آمناً من دون مساءلة وهو المسؤول عن فشله في تنظيم الدوري وتأزيم العلاقة بينه وبين الأندية ، فضلاً عن تقاعسه في تحضير المنتخب الوطني أثناء رحلة دفاعه المونديالية ، ووجود خروق في مؤتمره الانتخابي لعام 2011 ، وغيرها من الملفات السائبة بلا تحقيق عادل ، ولا حتى بصيص ضوء خافت من منابر إعلامية معروفة تمارس المهادنة على المكشوف !! في عدم تنوير الوسط الرياضي بحقيقة هذا الاتحاد أو ذاك بحكم وشائج المحبة وأواصر الدفاع المستميت التي يتطوع بها الخرسان في قول الحق!