في أحدث تقرير لها ( أُعلن عنه أمس الأول) تزفً إلينا هيئة النزاهة "بشرى" تسرّ القلوب المكلومة من جراء الإعصار الإرهابي الذي لا يتوقف، وتشرح الأنفس المهمومة بمصير الناس والبلاد مع طبقة سياسية نافذة لا جفن لها يرفّ ولا قلب ينعصر حيال ما يجري على أيديها وبسببها لهؤلاء الناس ولهذه البلاد.
"بشرى" النزاهة تقول ان معدلات دفع الرشوة في دوائر الدولة سجلت خلال الشهر المنصرم (مايس) ارتفاعاً كبيراً عما بلغته في نيسان. وفي التفاصيل ان نتائج آخر استبيان شهري تجريه الهيئة "كشفت عن ارتفاع مؤشر الرشوة خلال مايس الى (3.41) بالمئة بعدما بلغ في نيسان (2.51) بالمئة، وهو المؤشر الذي ظل مستقراً تحت (3) بالمئة طيلة خمسة اشهر". ونستنتج من التفاصيل أيضاً ان الرشوة نظام جارٍ ومستقر في كل دوائر الحكومة وأجهزة الدولة من الموصل في الشمال الى البصرة في الجنوب من دون استثناء.
من معطياته، واضح ان عملية الاستبيان اقتصرت على الرشا الصغيرة التي يقدمها مراجعو الدوائر الحكومية الى الموظفين إما لا نجاز معاملاتهم المتأخرة (عمداً في الغالب للحصول على الرشا) أو لتمشية معاملات غير أصولية، كما أوضح التقرير. أما الرشا الكبيرة (البالغة قيمة الواحدة منها ما بين ملايين ومئات ملايين الدولارات) المتعلقة بالصفقات التجارية والعقود والمقاولات مع جهات أجنبية في الغالب، فلم يشملها الاستبيان، والسبب معروف هو ان موظفي الهيئة المساكين ليس في مقدورهم الاقتراب من أعشاش الدبابير (كبار الفاسدين والمفسدين في الدولة المتمتعون بالحصانة والحماية من أية مساءلة حتى أمام مجلس النواب).
على أهمية ما استنتجته هيئة النزاهة من استبيانها، فان الأهم هو الاستنتاج الذي يتعين أن نخرج به مع هذا التفاقم المتواصل للفساد المالي والإداري في الدولة ولأعمال الإرهاب وانتهاك الأمن.. الحكومة هي الهيئة المكلفة من المجتمع – عبر ممثليه في البرلمان- بحفظ الأمن وتأمين مصالح الناس، ولدينا حكومة تسجل الفشل تلو الفشل على هذا الصعيد وكل صعيد. ما مبرر وجودها واستمرارها في السلطة إذن؟ أليس من المنطقي أن تقرّ بفشلها وتستقيل؟ أليس من المنطقي أيضاً أن يحاسبها البرلمان عن تقصيرها في مكافحة الفساد المالي والاداري وفشلها في مواجهة الإرهاب وحفظ الأمن؟ الى أية درجة يتعين أن يصل مؤشر الفساد والى أي حد من الحدود يمكن أن يبلغه الانهيار الأمني وإزهاق الارواح وسفك الدماء، لكي تقرّ الحكومة بفشلها وتستقيل أو يحاسبها البرلمان ليقيلها؟
هل من مجيب؟
متى تستقيلُ حكومتنا أو تُقال؟
[post-views]
نشر في: 26 يونيو, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 1
أبو هبة
صح قلمك أستاذ عدنان ، تحية وتقدير للافكارك الوطنية للأسف ليس من مجيب لهذا الفساد الذي عم البلاد وفاحة رائحته بين البلدان ، والسادة السلاطين نائمين على الأرائك ويتفرجون على ذبح العراقيين ، وبعدها تظهر ابواقهم الداعمة للعملية السياسية ويصرخون أننا منصورون ع