"ما قبل الرفائيلية".. ثورة على ما قبلها من أساليب الفنكانت سلطات أوروبا، في عام 1848، " سنة الثورات "، تعيش على أعصابها. فكانت فرنسا، و ألمانيا، و روسيا، و إيطاليا و امبراطورية هابسبيرغ مهزوزة و بريطانيا جاهزة جميعها للثورة. و في أيلول التقى ثلاثة رج
"ما قبل الرفائيلية".. ثورة على ما قبلها من أساليب الفن
كانت سلطات أوروبا، في عام 1848، " سنة الثورات "، تعيش على أعصابها. فكانت فرنسا، و ألمانيا، و روسيا، و إيطاليا و امبراطورية هابسبيرغ مهزوزة و بريطانيا جاهزة جميعها للثورة. و في أيلول التقى ثلاثة رجال شبّان في منزل في شارع غووَير بلندن لتدبير ثورة لهم. و لم يكن الدعاة يسعون إلى تغيير سياسي، بل إلى هزة فنية. و كان هؤلاء المتآمرون جميعاً طلاباً في الأكاديمية الملكية : وليام هولمان هَنت، 21 عاماً، جون أفيريت ميليس، 19 عاماً، و دانتي غابرييل روسيتي، 20 عاماً. و في نهاية اجتماعهم توصل الثلاثة إلى اسمٍ لجمعيتهم السرية : " أخوّة ما قبل الرفائيلية Brotherhood .( PRB ) " Pre-Raphaelite
و سرعان ما اختير أربعة أعضاء آخرون : الرسام جيمس كولينسون، و النحات توماس وُلنر، و ناقدان فنيان، هما أخو روسيتي، وليام مايكل و ف. ج. ستيفنس. و طرحت جمعية PRB تلك أهدافها في بيان يتضمن : " 1ـ أن تكون لها أفكار أصيلة تعبّر عنها. 2ـ أن تدرس الطبيعة بانتباه، و ذلك لمعرفة كيفية التعبير عنها. 3ـ أن تتجانس مع ما هو مباشر و جدي و مخلص في الفن السابق، لاستثناء ما هو تقليدي و محاكاتي ذاتياً و ملقَّن. 4ـ و ما لا يستغنى عنه، أن تنتج صوراً و تماثيل جيدة كلياً ". و كان هؤلاء فنانين بريطانيين شباناً يتمتعون بالموهبة و الجدّية الأخلاقية معاً.
و ما كان أمراً راديكالياً بشأن الجمعية هو نبذهم للهرَمية الفنية : فأُعلن رفائيل، و هو منارة الفن الأكاديمي، أدنى من رسامي ما قبل عصر النهضة الإيطاليين و الهولنديين؛ و سُخر من سير جوشوا رينولدز، و كان سلطان تعليم الفن، و اعتُبرت العصور الوسطى أكثر العهود روحيةً و إبداعية.
و يشتمل معرض تيت بريطانيا Tate Britain الجديد : الطليعية الفكتورية، على حوالي 175 قطعة و تراه يقدّم جمعية " الأخوة " تلك باعتبارها أول حركة فن حديث في بريطانيا. كما أنه يؤكد على ارتباط عميق للجمعية مع أنجليكانية عالية، و دور النساء، و الفقراء العاملين و قضايا اجتماعية أوسع. و قد استمرت الجماعة مدة خمس سنوات لكن تأثيرها كان آنذاك خطوة تجمّع. و كانت ( أخوّة ما قبل الرفائيلية ) المصدر المباشر لقروَسَطية Burne-Jones الخيالية و الروح النقابية لوليام موريس و حركة الفنون و الصنائع؛ و قامت بتنشئة كلٍ من الحركة الجمالية و الرمزيين أيضاً.
و قد حيّرت النقاد في الأول العلامة المميزة لتلك " الأخوّ ة " التي ظهرت على كل لوحة مثلما أجفلتهم الصور نفسها. فعندما رأى تشارلز ديكنز مثلاً لوحة ميليس " المسيح في بيت والديه "، كتب قائلاً إن شكل مريم كان " فظيعاً في قبحه، إلى درجة أنها ستنفصل عن الآخرين كوحش غريب الشكل، في أخس كباريه في فرنسا، أو في أوطأ مشرب في إنكلترة ".
عن / STANDPOINT