TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > خطاب مرسي.. فشل بانتظار آخر

خطاب مرسي.. فشل بانتظار آخر

نشر في: 28 يونيو, 2013: 10:01 م

لم يعط خطاب الرئيس المصري الأربعاء الأثر المطلوب، بل أنه تعرض لهجمة سريعة وساخرة، بدأت على مواقع التواصل الاجتماعي قبل أن ينتهي، ووصفه المصريون بأنه ليس خطاب دولة بمقام مصر، وتميز بالشعبوية والسوقية والتهجم والتعلثم والتهديد والوعيد، وتوزيع الاتهامات لأشخاص وأجهزة الدولة، والتدخل السافر في دعاوي قضائية، وإنكار الواقع، وقالوا إن مرسي ضعيف، ولا يملك معلومات شاملة، ويعتمد على مصادر فقيرة للمعلومات، ويقول أشياء تشبه ترديد الإشاعات، وأخذوا عليه أنه لم يترحم على أرواح شهداء مجزرة أبو مسلم، وأنهم كانوا يتطلعون إلى سماع حلول عملية للمشاكل اليومية التي يواجهونها، وأن اعتذاره بتحمل المسؤولية خمس مرات أمر طبيعي، ولكن يجب أن يتبعه أفعال، تثبت أن الحكومة بالفعل على قدر المسؤولية.
خطاب مرسي حمل الكثير من المغالطات والمتناقضات، فهو يشيد بجهاز الشرطة الذي لا ينام، ويعترف بأن البلطجية في كل مكان، ويذكر بعضاً منهم بالاسم، وهو يشيد بمحافظ الأقصر لأنه قدم استقالته استجابةً للمتظاهرين ضده، لكنه لا يحذو حذوه، وهو يزعم أنه لم يتعرض للحقوق والحريات، متجاهلاً كل الاعتقالات التي تمت في حق رجال الإعلام والمتظاهرين والقنوات التي أغلقت، والمرأة التي همشت، والقوانين التي يتم طبخها حالياً لتقييد المجتمع المدني، وهو يتحدث عن ديمقراطية، يبدو أنه بصدد تفصيلها على مقاسه، وتحت هيمنة المرشد، فيتوعد ويهدد معارضيه بأن مكانهم سيكون السجن، ممهداً لتأسيس ديكتاتورية جديدة، تستمد قوتها من السماء، ويسهب في تفاصيل انتصاراته الاقتصادية، فيما حكومته تقترض مليار جنية يومياً، وبمعدل 36 مليون جنيه في كل ساعة، وهو خطاب متوتر يعكس أزمة خانقة يعيشها الرئيس وجماعته، وهو تبرع بتوزيع الاتهامات على الجميع، فطال رجال الأعمال، والإعلاميين، واتهم المصريين بالرشوة، والقضاة بالتزوير دون التحقيق معهم.
محاولة مرسي استباق موعد الثلاثين من هذا الشهر، بالتهديد والوعيد، مع السعي لاستمالة جهاز الشرطة والقوات المسلحة إلى جانبه، باعتباره يمثل الشرعية، حين وزع الاتهامات على كل الموجودين باستثناء الجيش والشرطة، وهو يحاول الإيحاء للشعب المصري باصطفاف القوتين حول مؤسسة الرئاسة، لم تحصد غير الفشل، فخطابه أساء لموقع الرئاسة، ودفع المترددين بالنزول إلى التحرير للتظاهر، وهو حتى حين لجأ لمحاولة العزف على وتر عاطفة المصريين، محاولاً استقطاب عواطف الجماهير، فشل بجدارة، لأن خطابه كان خارج إطار الزمن، وغير مناسب للحظة الراهنة، وهو يحمل في طياته مقدمة دكتاتور، باعتماده لغة هي خليط من التأويل والوعيد والاتهامات والادعاء بمؤامرة كونية، وزاد على كل ذلك باتهامه خصومه بأنهم لصوص ومختلسون، وتجاهل أن أم الدنيا خسرت في عهد الإخوان كثيراً، ولم يعد لها وزنها الإقليمي والدولي، حيث لاوجود لدولة حقيقية على الأرض.
المهم أنه بعد الخطاب اشتعلت المواجهات بين مؤيدي ومعارضي مرسي، وأحرق المحتجون مقراً لحزبه، وممتلكات خاصة بقيادات الإخوان، وسادت حالة من الرعب، بسبب انضمام عدد كبير من ضباط الشرطة إلى التظاهرات، وتوقيعهم على استمارات حملة "تمرد"، وتعهد بعضهم بمساعدة المعارضة على قتل الإخوان، حيث يتوقع مشاركة الآلاف من ضابط الشرطة وأسرهم في التظاهرات، طبقاً لمعلومات التحريات الداخلية بجهاز الشرطة، حيث تتعاظم المخاوف من حدوث انشقاق في صفوف الضباط، الذين يرفض الكثير منهم تأمين مقرات الإخوان وحزبهم أثناء التظاهرات.
قلبنا على مصر العظيمة، بانتظار نتائج أحداث اليوم الأخير من هذا الشهر، الذي يهدد المعارضون بأنه سيكون الأخير، في عهد مرسي والإخوان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram