TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > إمارة و 3 أمراء

إمارة و 3 أمراء

نشر في: 29 يونيو, 2013: 10:01 م

يثير تنحي حاكم قطر عن موقعه لصالح إبنه، الكثير من التساؤلات، وإذ يرى البعض أن الخطوة كانت لأسباب صحية، ولرغبة الأمير بالراحة والتمتع بمباهج الحياة، فإن آخرين رأوا فيها تعبيراً عن الرغبة بالابتعاد الطوعي، تطبيقاً للمبدأ الذي تبناه تجاه الآخرين، في سياق ربيع العرب، لكن هناك من يؤكد أن التنحي كان انصياعاً لقرار أميركي، يلبي رغبة بعض العواصم الخليجية الفاعلة والمؤثرة، في الحد من تمدّد الدور القطري، وتبنّي المشيخة لسياسات تفوق حجمها، وتتجاهل أحجام الآخرين، ولعل الصحيح والمنطقي أن هذه الاسباب مجتمعةً، وليس واحداً منها، كانت سبباً في القرار الذي سيفضي حتماً إلى تغيير في سياسات قطر الخارجية، حيث سيكون بمقدور الحاكم الجديد، التنصل من تبعات الدور الذي لعبه والده، لجهة "دوره الربيعي"، الذي أسفر عن خلافات ليست سهلة مع بعض الدول العربية، بما فيها الخليجية.
خطوة التنحي كما تمّت، تؤكد أن فكرة التداول السلس للسلطة، لم تستقر بعد على آلية قادرة على استيعاب الظروف التي قد تستجد، إذ تخلو المشيخة من المجتمع المدني، ولم تتضح بعد الوجهة السياسية مع أميرها الجديد، لكن المؤكد أنها  ستواجه كنظام وراثي، مسألة أن نظام الوراثة غير القادر على التحول إلى دستوري، يعطي الشعب الحق في حكم نفسه، سيتحوّل حتماً إلى نظام جامد قابل للانفجار في أي لحظة، رغم ما قد يقال عن توفير الشيوخ في الحالة القطرية الرفاه لمواطنيهم، بسبب الثروات الهائلة التي تمتلكها المشيخة، وفي المحصلة فإن إمارة الغاز المسال، تجد نفسها في مواجهة وضع جديد، مفتوح على كل الآفاق والاحتمالات، فيما ستظل استقالة الأمير الى أمد بعيد مغلفة بالغموض، الذي يمنع الترويج لها باعتبارها مبادرة غير مسبوقة، على مستوى الحكام العرب.
قبل أن يكسر المشير سوار الذهب القاعدة، فيتخلّى عن حكم السودان، الذي وصله بعد انقلاب عسكري، مفسحاً المجال لشعبه لاختيار قيادته بانتخابات ديمقراطية، ظل الحاكم في عالمنا العربي يتمسك بالكرسي مدى الحياة، ويحاول الاستمرار بعد موته، عبر التوريث في الأنظمة الملكية، التي التحقت بها جمهوريات الوراثة، ذلك أنه بذلك فقط يضمن مكاسبه وسلامته، ولعل الأمير السابق لقطر بات على يقين من ضمان كل ذلك، بتسليمه السلطة لإبنه الأثير، وبحيث يظل هو في مأمن من أي انقلاب، حتّى لو كان أبيض أو زهرياً، وسيظل بالتأكيد محتفظاً بكل امتيازاته الخاصة بأمير البلاد.
مع استبعاد رئيس الوزراء المثير للجدل، سنتعرّف إلى فريق جديد في الحكم، ولايعني ذلك تغييراً في أساسيات السياسات، لكن الأداء سيكون مختلفاً، وسيكون لقطر سيناريو جديد في العلاقات مع السعودية ودول التعاون الخليجي، وستنحسر قليلاً اندفاعة تبنّي تنظيم الإخوان المسلمين، رغم تقبيل الأمير الجديد لرأس وكتفي الشيخ القرضاوي، لكن القرار لن يكون آخر المشوار، فبالرغم من أن وفود "المبايعين" تدفقت على قصر الإمارة لإظهار الولاء، فإن هناك معارضةً حقيقيةً للحاكم الجديد ولوالده من قبله، وهي معارضة تنطلق من نفس الأسرة الحاكمة، وسينضاف إليها اليوم كل المتضررين من التغيير، ولعلّ أبرزهم سيكون رئيس الوزراء المغادر بكل قدراته على المناورة، كي لانقول التآمر.
المفارقة هنا، أن المشيخة التي لايتجاوز حجم جغرافيتها حجم مدينة متوسطة في مصر أو العراق، تحتفظ بثلاثة حكام، تميم الجديد، وحمد أبوه الذي تنازل له عن الحكم، وجدّه خليفه الذي أقصي عن الحكم قبل ثمانية عشر عاماً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram