أظنها المرة الأولى التي اكتب بها عن اتحاد كرة القدم العراقي بشكل مباشر. كنت أتجنب الخوض في امر الاتحاد، وما اسمعه عنه وعن رئيسه، لقلة خبرتي بالرياضة التي لا تتعدى محبتي الفطرية لكرة القدم، شأني بذلك شأن الملايين من الناس. ثم اني أرى في فوز فريقنا الكروي دوليا فرصا للتلاحم والفرح الجماعي، ما يقلل من مرارة خيبة الناس بالسياسيين "الجدد".
ولأنه لا يجبرك على المرّ غير الأمرّ منه، أرغمتني، على الحديث عن الاتحاد اليوم، جريمة قتل الشهيد محمد عباس على يد قواتنا الأمنية. ففي حين خففت بعض المواقف الشجاعة من وقع المصيبة، جاء بيان اتحاد كرة القدم العراقي حول الكارثة مرعبا ليعيد الى ذهني ممارسات البعث الفاشية.
ذكرتني استقالة أم أبيها، النشمية، بشرى حسن عاشور من عضوية مجلس محافظة كربلاء، بوقفة زينب بطلة كربلاء. جاءت استقالتها، كما ورد في الأخبار، بعد اجتماع أعضاء المجلس مع قادة التظاهرات التي انطلقت في كربلاء احتجاجا على الجريمة السوداء. كانت في المتظاهرين نخبة من الرياضيين الكبار بينهم فلاح حسن ورعد حمودي وأنور جسّام وباسم قاسم ونجم المنتخب الوطني عماد محمد. ماذا أقول غير ان اقف إجلالاً لبشرى واطبع قبلة احترام وإجلال على جبين فلاح ورعد وأنور وباسم وعماد.
لم أفاجأ بموقفهم الشجاع، لأني اعرف بعضهم جيدا عن قرب. ولا اقول فوجئت، بل ارتجفت أعصابي قبل اصابعي استغرابا وغضبا حين قرأت بيان اتحاد كرة القدم العراقي حول ما حدث لشهيد الرياضة محمد عباس. ابتدأ جناب الاتحاد بيانه على موقعه الخاص بالقول: "أعرب الاتحاد العراقي لكرة القدم ومنذ اللحظة الأولى عن بالغ أسفه للحادث الذي تعرض له السيد محمد عباس ومجموعة من لاعبي وإداريي نادي كربلاء". الاتحاد يسمي الجريمة "حادث". ويأسف والقتيل احد أبنائه. أوووووووووي .. شنو هالرقّة. يا عمي، ان الذي يأسف مو اهل الضحية. الأسف يجب ان يأتي من القاتل، لكن أن يأسف أهل المقتول فهذه هي: حرامي يحلف المبيوك والمبيوك يتعذر من الباكة.
يضيف الاتحاد في بيانه: "ولم يكن عدم الإعلان عن أي رد فعل من قبل الاتحاد بشكل علني سكوتاً كما فسره البعض". والله لو باقي ساكت يا عبد، عفوا يا ناجح حمود لكن ذلك خيرا لنا ولك. اتفضلوا القفلة في البيان التي يبدو انها لب ما أراد حمود قوله، اذ هدد علنا " ان الاتحاد سيتخذ أشد الإجراءات بحق اللاعبين والإداريين وكل من يحاول استغلال هذا الحادث لإحداث الفوضى في مسابقات الاتحاد". سبحان الله يا ربي فهذا التهديد ذكرني بمخابرات صدام يوم جاؤوا بتابوت الشهيد نوح الساعدي الذي كتبت عنه سابقا. طلبوا من أمه ان تدفع ثمن الرصاصات التي اعدموه بها وصاحوا بوجهها "تعرفين شنسوي اذا سمعناكم بجيتوا او سويتوا فاتحة؟ احنا ما نسمح بالفوضى..افتهمتي لو لا؟". وهذه هي الفاشية بعينها: تسكت على القاتل وتطارد أهل القتيل وأصحابه.
من اليوم يا ناجح سوف لن اتابع اية لعبة كرة قدم عراقية ما دمت أنت رئيسها والخطية بركبتك. اعرف انك لا يهمك زعل مثلي بقدر ما تهمك الحكومة ورئيسها اللذين أشبعتهما مدحا ببيانك رغم أنهما لم يتخذا، لحد الآن، إجراء عقابيا صارما بحق "سوات" أو "قوة حماية الملاعب" كما طاب لك أن تسميها، ببيانك، تغزلا.
لعلكلك الف راية .. وكلك: هاي وحدة وياك.