TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اكتشاف شاعرة

اكتشاف شاعرة

نشر في: 1 يوليو, 2013: 10:01 م

أنا فخور وسعيد وخائف!
فخور بأن أقدم هنا شاعرة حلبية اسمها مرح التعمري مواليد 1996.
سعيد لأنها تفاجئني بالشعر حيث القليل منه يفاجئني هذه الأيام.
خائف لأنها تقيم وتكتب وتحلم تحت سماء سورية ملبدة بالطائرات الحربية وبنادق المسلحين وراياتهم السود، وخائف على مرح الطفلة الشاعرة، مرة ثانية، منها عليها، من طاقتها الحسية الكبيرة، المبكرة، وهي تلعب مع كلام أكبر منها سناً ووجعاً وعزلة.
تكتب هذه الطفلة وهي ترى إلى العالم بعينين حكيمتين وقلب غير فزع رغم ما يجري حولها من موت ودمار ومحو وغموض.
أن تكتب طفلة الشعر تحت دوي القصف والموت والدخان فإنه يعني خيارها الأخير في التعبير عن وجودها وعما تراه أو تحلم به، وعندما تكون القصيدة خياراً أخيراً للمرء فهذا منتهى الصدق.
أراهن على مستقبل مرح الشعري، لكنه رهان غير مؤكد، ولو كان مؤكداً لما كان رهاناً، فلا نعرف ما الذي سيجري للفرس عند المنعطف الأخير من المضمار.. حسبي أن أنتشي بانطلاقتها وما يتبقى مرهون بها وكيفية بناء قصيدتها وتطويرها وشد أزرها بالقراءة والتعلم والتحديق العميق بالوجود.
اللافت في نص فرح، عدا البنية المتقصدة، المقصودة، وتجنب الزخرفة والبلاغة النافلة – كما عند الشعراء "كبار السن" هو الصورة/ المشهد في مثل هذا المقطع:
(.. وفي أول تطلعات الدهر اللازوردي ..
سنمشي ونحن عراة
بلباس أبيض حريري
ومفارق الطرق سوف تنتثر ..
عند رؤية الشهيد".
من الطبيعي أن تكون ثمة ثغرات تعبيرية أو هنة هنا وأخرى هناك، فالقصيدة التي تكتبها طفلة لا بد أن تعاني لثغة ما أو اضطراب صوتي أو اهتزاز ما.. الوطن، كله يهتز!
ربما ستقول مرح، بعد قراءة هذا العمود، أنت تأخذني على محمل الجد، يا عمّو، أكثر مما ينبغي.. إنني ما زلت ألعب.
نعم، لأن في اللعب الكثير من الجد من أجل تحقيق الفوز، الفوز بالكأس الذهبية التي هي على شكل قصيدة، والشعر لعب وإن كان لا يخلو من خطورة، يا بُنيّتي.
لكنني ما زلت فخوراً وسعيداً وخائفاً عليك، حتى لو غيرت "مهنتك" الشعرية لهذا السبب أو ذاك، فالمهم هو الانطلاقة الأولى وما يتبقى يتوقف على جَلَدكِ ومهارتك في اللعب كي تفوزي بالكأس الذهبية: القصيدة المأمولة.
هنا قصيدة مرح كاملة ولكن من دون عنوان.. أضعها هنا بلا تدخل ولا تصحيح ولا اقتراحات ولا تعاليم من شاعر "كبير السن":
فضة تركت حجر الفيروز ..
ليزين رقبة الطائر الحنون ..
بالحبق و بعبق الياسمين ..
في الصيف .. على المقعد ..
و بالأصوات الشجون ..
الخرزة الزرقاء على صدره ..
و الأخرى بين مقلتيه ..
كان المرج مسحورا بورق الجوري العتيد ..
و الشرفة تطل على نعيق الغربان و شفق المغيب ..
فوق مناشير الحبيب ..
تعلو الطائرات ..
و يعلو حبنا القديم ..
أريده ..
و هو غريب لا يغيب ..
لا على الروح التواقة له ..
ولا على مسامع التائهين عنه ..
وما هي الروح في آخر العمر ..
وفي أول تطلعات الدهر اللازوردي ..
سنمشي ونحن عراة ..
بلباس أبيض حريري ..
و مفارق الطرق سوف تنتثر ..
عند رؤية الشهيد ..
أليس كذلك ..
يا قصص ..
لن تنتهي لا في أول ..
ولا في آخر الطريق؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram