اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > إلقاء القبض على مرسي

إلقاء القبض على مرسي

نشر في: 1 يوليو, 2013: 10:01 م

لم أتفاعل مع جريمة قتل المدرب محمد عباس، إلا متأخراً، لأنني اعتقدت أن في الموضوع تفاصيل أخرى تستطيع أن تبرر الطريقة الوحشية التي قُتل بها. هذه الكسور التي أصيبت بها جمجمته والتي أماتته سريرياً، غير مفهومة!! وانتظرت التفاصيل، وحتى عندما اكتفت الحكومة بوعد باهت بمعاقبة المقصّرين، بقيت انتظر ما يبرر لي هذا التعامل الوحشي. وأنا إلى الآن بحاجة لمن يقول لي، ما الذي فعله الرجل لتُنْتَزع روحه بهذه الطريقة الوحشية؟!
ثم بقيت اتردد في الاشتراك بإثارة الموضوع إلى أن آلمني خبر موته، ولحظتها أحسست بالقيمة الحقيقية للمواطن العراقي عند المسؤولين. فالتفاصيل الدقيقة للجريمة بقيت غائبة ولم تتول جهة قضائية أو أمنية الكشف عنها، لأن المسؤول العراقي الذي "يستنكف" من الخروج لتبرير الجرائم التي تحصد العشرات يومياً، لن يخرج لتبرير قتل مواطن واحد.
الدم العراقي رخيص، وخبر موت العراقي صار مبتذلاً، والشعب هو المسؤول عن تدني قيمة دمائه عند المسؤولين عن حمايتها. فبما أننا لم نحصل ولا مرة واحدة على أي اعتذار من أي مسؤول أمني، على الرغم من بشاعة الجرائم التي نتعرض لها يوميّاً، فهذا يعني بأننا جميعاً كنّا نمارس، وبشكل يومي، عملية خفض لقيمة دمائنا.
إزاء كل جريمة تُرْتكب هناك مجرم ارتكبها، وهناك مسؤول قصَّر في الحيلولة دون وقوعها. ولن يكُفَّ المجرم عن ارتكاب جرائمه إلا عندما يقف بوجهه مسؤول نزيه وكفء، ولن نحصل على هذا المسؤول ما دمنا نسكت عن تقصير الفاسد وغير الكفء، لا بل نجزل له العطاء ونحيطه بالولاء.
دائما أقول إن المجرم بحقنا ليس الإرهابي وحده، فللمسؤول عن حمايتنا السهم الأكبر في جرائم الإرهابيين؛ لأن عمل الإرهابي هو قتلنا.. واجبه الذي يسعى لتأديته هو تفجيرنا؛ إما لأنه يعتقد بأن في قتلنا انتصار للقضية التي يؤمن بها، أو لأن هناك من يجزل له العطاء ليقتلنا. ومن هنا فالإرهابي يؤدي دوره على أكمل وجه، والذي يساعده على تأدية هذا الدور بشكل متقن، هو المسؤول الأمني الفاشل، فهناك علاقة عكسية بين نجاح الإرهابي وفشل المسؤول، وكلَّما كان المسؤول فاشلاً أكثر استطاع الإرهابي أن يفتك بنا أكثر، والعكس صحيح. وبالنتيجة يكون حجم فشل المسؤول عن حمايتنا كبيراً بقدر نجاح الإرهابي بحصد أرواحنا. وبإجراء جردة بسيطة لعدد ضحايا الإرهاب، نستطيع أن نعرف حصَّة المسؤولين الأمنيين بالجرائم التي يرتكبها الإرهاب بحقنا.
في النهاية لم يقتل المدرب محمد عباس جندي أو مجموعة جنود، بل قتله المسؤول.. المسؤول الأمني الفاشل، والفاسد والمتراخي بتأدية واجباته، هو المجرم الذي يجب مطاردته.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ايمان علي

    استاذمحسن,تعرف كم مؤسسه امنيه قادتها من البعثيه سابقا؟؟وتعرف كم سلة مهملات تجمع اعمال موظفين صغارفي الدوائرالامنيه يبحث عن مصلحة وطنه فقط وبتفاني ,ويكافئ بالاهمال؟؟راح يبقى دمنا رخيص لان ماممكن نعترض عالخطا ونتعلم شويه من المصريين!!!

  2. كاظم القيسي

    ان قتل المدرب محمد عباس قد الم كل عراقي شريف لكنه لم يالم اي مسؤول والسبب معروف وهو رخص الدم العراقي اضافه الى انتزاع كرامة المواطن نحن كنا نعرف من البداية ان كل من تسلق على اكتاف العراقيين ليتبؤ كرسيا في الحكم هو انسان اقل مايمكن ان يقال عنه غير وطني ولي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram