عاش ريتشارد نوريس 15 عاماً كالناسك، يخفي وجهه خلف أقنعة جراحية او يغطيها بـ(كاب)، ولا يخرج من منزله الا في الليل.ويعترف ريتشارد، انه منذ ان فقد النصف الأسفل من وجهه، في حادثة اطلاق نار، فان كل يوم يمرّ عليه كالكابوس، يعاني من الكآبة والنظرات الغريبة
عاش ريتشارد نوريس 15 عاماً كالناسك، يخفي وجهه خلف أقنعة جراحية او يغطيها بـ(كاب)، ولا يخرج من منزله الا في الليل.
ويعترف ريتشارد، انه منذ ان فقد النصف الأسفل من وجهه، في حادثة اطلاق نار، فان كل يوم يمرّ عليه كالكابوس، يعاني من الكآبة والنظرات الغريبة من الغرباء، بل انه حتى فكر بالانتحار.
ولكن الأحوال تغيرت حالياً بالنسبة لريتشارد البالغ من العمر 37 سنة، بعد اجتيازه بنجاح عملية تعتبر الأكثر تعقيداً في مجال زرع الأعضاء البشرية.
لقد اختفت تلك الملامح المثيرة للفزع من وجهه وحلت مكانها ملامح أخرى مقبولة ومن بينها ايضاً الأسنان واللسان والفك.ومع ذلك فان ريتشارد يقول: ان الامر قد لا يعني اختلافاً.
و خلال إجراء أول مقابلة، بعد العملية التي غيرت حياته، يقول: (اعوام الجحيم تلك التي عشتها، قد منحتني وفرة وثروة في المعرفة، لقد قابلت خلالها افضل الناس في حياتي، كما سمعت كافة الملاحظات، والكثير منها كانت مزعجة).
ويعاود كلامه متذكراً:(عندما كنت متشوّها، استغربت كيف ان بعض الناس كانوا يفعلون أي شيء حتى المخاطرة بحياتهم من اجل التفرس بملامحي، اما اليوم فانا قادر على السير في الشارع، ويمر بي الناس، ولا يلتفتون نحوي فقط.ويعيش ريتشارد حالياً، مستمتعاً بحياته الجديدة والفرصة التي اتاحت حياة اعتيادية، ممارسة رياضية الغولف وتربية الأسماك والتمتع بصحبة أفراد العائلة والأصدقاء.ويقول: (لقد عاش أصدقائي حياتهم، تزوجوا وأنجبوا وتقدموا في مجال أعمالهم، أما أنا فسأبدأ العمل الآن وتهيئة الأمور التي تتطلبها حياتي الجديدة).
وكان ريتشارد من هيلزفيل/ فيرجينيا، تم اختياره منذ ثمانية أعوام لعملية زرع وجه، بعد اكثر من عشر عمليات خضع لها لإعادة تحريك فكيه، واستخدم فمه.وكانت اصابته قد حدثت وأدت الى تشويه وجهه تماماً، إثر قيامه بتحريك بندقية كانت متكئة على جدار ولكن اطلاقة منه اندفعت نحوه بالصدفة.واستطاع ريتشارد حماية بصره، ولكن الاطباء لم ينجحوا في اصلاح شفتيه وانفه والجزء الامامي من لسانه.ويقول عن ذلك (لم يكن امامي الا عملية زرع وجه وكانت الفرصة الاخيرة تقريباً).
وقد استلم ريتشارد وجهه الجديد في شهر آذار من العام الماضي، من متبرع مجهول الهوية، والذي ساعدته أعضاؤه الاخرى خمسة اشخاص آخرين كانوا في حاجة اليها.
اما عملية زرع الوجه فقد استغرقت يوماً ونصف وشارك فيها اكثر من 150 طبيبا وممرضة والطاقم الطبي لمركز جامعة ميريلاند الطبي.
وعندما رأى ريتشارد وجهه الجديد في المرآة للمرة الاولى، فرح بشكل لا يمكن وصفه، ويقول عن تلك اللحظات: (الشيء الوحيد الذي استطعت فعله هو احتضان الطبيب).وقد تضمنت العملية، منحه لساناً جديداً كي يتمكن من الكلام بشكل جيد، وتناول الطعام ومضغه بالاسنان التي زرعت له ايضاً.
وتناولت العملية اضافة الى ما سبق، ربط العديد من اعصابه، كي يتمكن من الابتسامة.
ويقول د.إديوردو روديغوز، الذي قاد هذه العملية: (إنها تجربة سوريالية، وفي السابق كان الناس يتطلعون نحو ريتشارد لأنه كان يغطي وجهه، ويريدون معرفة نوع تشوهه، اما اليوم، فان هناك سببا اخر يدفعهم للنظر اليه، وهو شكله الجديد المذهل حقاً.وريتشارد يبدو بعد العملية، في حالة من الذهول، لا يحسب تماماً بالواقع الجديد، وكأنه يرفض الوجه الجديد وضرورة تناوله الادوية طوال حياته.ويعقب د.رود ريغوز على ذلك، (كان الامر يستحق ذلك، فالنتيجة رائعة، وريتشارد بعد اعوام طويلة من تفاديه الاختلاط بالاخرين وتجنبهم، يبدو اليوم مطمئناً في حياته، ويبدو ذلك بوضوح بعلاقاته الطيبة مع العاملين في المستشفى، وهو في رأيي يحتاج الى بعض الوقت للانسجام مع وجهه وحياته الجديدة).ويقوم الكادر الطبي حالياً بتعليم ريتشارد كيفية تحريك اعضاء وجهه، لأنه لم يفعل ذلك منذ اكثر من 15 سنة، كما انه في حاجة الى عملية صغرة في وجهه تخص الانسجة الرقيقة في الجفنين.
عن: ديلي ميرور