TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "بِعران" مُرسي

"بِعران" مُرسي

نشر في: 2 يوليو, 2013: 10:01 م

بغض النظر عن مصير الرئيس المصري محمد مرسي بعد مطالبة الملايين من شعبه برحيله، يظل الحراك الشعبي المنظم ، هو السبيل الوحيد للتعبير عن الاحتجاج ضد الاستبداد ، وفرض نوع جديد من الديكتاتورية بسرقة الربيع العربي لصالح قوى ، عندما وصلت الى السلطة كشرت عن أنيابها ، فألغت كل مظاهر الدولة المدنية ، وتجاهلت إرادة الشعب في تحقيق الديمقراطية ، وسعت بكل ما تملك من نفوذ وهيمنة ، لإجبار الآخرين على سماع صوتها لاعتقادها بانه الوحيد بحسب مزاعمها المعبر عن الإرادة الشعبية .
يوم اطلق الشعب المصري هتافه الموحد "الشعب يريد إسقاط النظام " اضطر الرئيس المخلوع حسني مبارك الى استخدام البعران لمواجهة ملايين المحتجين المطالبين برحيله ، ولم ينفعه ابتكاره في توظيف الأباعر لتكون جزءاً من قوات الشرطة السرية والعلنية ومكافحة الشغب للدفاع عن بقائه في المنصب مدى الحياة ، فتبدد حلمه باستمرار اطلاق الهتاف من ميدان التحرير في القاهرة ، وتجدد اليوم ضد مرسي واتباعه .
مايسجل لصالح مرسي انه لم يلجأ الى أسلوب سلفه في استخدام البعران في مواجهة المتظاهرين ، لان هناك من تبرع بهذا العمل لصالحه من فضائيات عربية وحتى عراقية تابعة لأحزاب دينية ترى في الإخوان المسلمين ، انهم خير من يمثل إرادة الأمة في تحقيق العدالة ، وإقامة أنظمة حكم ، اقل ما يقال عنها أنها عودة قسرية الى القرون الوسطى.
"بِعران مبارك" أصبحت صفحة بالية غير قابلة للتداول في المرحلة الحالية ، والحاكم المستبد تخلى هو الآخر عن هذا الأسلوب ، لاعتماده على اتباعه في الدفاع عن الشرعية ، باستخدام العنف المدعوم بخطاب إعلامي موجه يحذر من محاولات الكفار وأذنابهم بالسيطرة على مقدرات الأمة، و هذا الخطاب يتطابق مع ما اعلنه الرؤساء المخلوعون قبل أيام من رحيلهم ، بان وجودهم على راس السلطة ، يعنى منع التنظيمات الإرهابية من الوصول الى الحكم .
المتابعون للحراك الشعبي المصري من خبراء ستراتيجيين عرب وأجانب ، يصفونه بانه رسالة موجهة الى الحكام العرب جميعا وبلا استثناء ، تفيد بان الربيع العربي مازال يحتفظ بشرارته على الرغم مما افرزه من نتائج يعتقدها البعض بانها سلبية ، وانه ،أي الربيع اصبح اليوم سلاحا متاحا لمن يريد التغيير شريطة اعتماد التنظيم وبلورة موقف شعبي موحد تتبناه القوى السياسية الفاعلة المؤمنة بالديمقراطية ، وعن هذا الطريق بالإمكان فهم الدرس المصري ، واستنساخه في بلد آخر يعيش شعبه فصول مأساة ، القت بتداعياتها على الأوضاع الأمنية والسياسية ، ومهدت الطريق لولادة الحزب الحاكم ، ليكون زعيمه او أمينه العام هو الشخص الوحيد القادر على قيادة البلاد ، لما يمتلكه من شرعية اكتسبها من "صناديق الاقتراع" ، ودعم من قاعدة شعبية واسعة ، على استعداد للدفاع عنه بتظاهرات مضادة لمعارضيه من دون الحاجة الى استخدام البعران في توطيد التجربة الديمقراطية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram