لكي نعرف معنى حزب الدعوة ببساطة، علينا تحديد اسم أو لقب أو صفة من ينتمي اليه. انه الداعي او "الدعوي". أما انتم وأنا وغيرنا، من الذين لا ينتمون للحزب، فالفرد فينا عندهم "مدعو". اذن الحزب مبني أساسا على فكرة الدعوة لأمر ما، مثل الذي يدعوك لحفلة او أمسية. الفرق هنا ان الداعي، في حزب الدعوة، يدعوك الى الله. يدعوك لهذا لانه يرى نفسه أنضج منك عقليا واعرف منك بالطريق الى الله. ما قلته ليس من جيبي، بل، إضافة الى انه معروف كمعرفة المكتوب من عنوانه، جاء في كتاب "علم نفس الدعوة" لمؤلفه الدكتور محمد زين الهادي الصادر عن الدار المصرية اللبنانية للنشر في العام 1994. يقول المؤلف في الصفحة (148): "الشخصية الدعوية لا بد ان تفرد لها عناية خاصة ورعاية شاملة من كل الجهات التي تقوم على أمرها وتشرف على شؤونها ابتداء من الأسرة وانتهاء بأعلى جهة من تلك الجهات؛ حتى تكون ناهضة بالمهام التي تقوم بها، وهي الدعوة الى الله". ذلك يعني عمليا ان أمهاتنا وآباءنا ونحن أيضا نحتاج الى علي الأديب وإبراهيم الجعفري ونوري المالكي وحيدر العبادي وسامي العسكري ورفاقهم ليدلونا على الله عز وجلّ ومن دونهم سنضل الطريق إليه! كنت قد أنهيت قراءة الكتاب قبل أكثر من شهرين وحفزني، بحكم اختصاصي بعلم النفس، للتفكير بكتابة موضوع نفسي عن حزب الدعوة الحاكم بالعراق، لان الكتاب خص الدعاة في كل بلدان الدنيا فغاص بالعموميات. مررت أمس، بدافع التحضير للموضوع، على موقع حزب الدعوة الذي يرأسه المالكي فاستوقفني فيه بيان حول مصرع شهيد كربلاء محمد عباس.
البيان وان يسجل له انه سمى القتيل مظلوما والقتلة عتاة، لكنه لم يحمّل الحكومة أو رئيسها، الذي ترتبط القوات القاتلة بمكتبه مباشرة، أي مسؤولية. الغريب جدا أن الحزب في بيانه المقتضب جدا لم يفوت الفرصة لامتداح المالكي متقمصا دور أم العروس بامتياز. قال البيان "نثمن قرار دولة رئيس الوزراء باعتقال المتورطين". اولا، انه ليس رئيس الوزراء بل رئيس مجلسهم. ثانيا، لفظ لقب "دولة" من قبل حزب هدفه ان يدلنا على الله، فيه شخطة نشاز لا أدري كيف أعبر عنها. ألم تكن كلمة "أخ" اكثر تواضعا واحتراما من "دولة"؟ أتخيل من كتبها وكأنه "شاف ما شاف" بعينه. أما ثالثا فهي مربط فرسي اليوم.
نعم شيء جيد أن يصدر قرار إلقاء قبض بحق المجرمين، لكن السؤال من هو صاحب الحق في إصداره؟ أليس القضاء؟ قد يحق للمالكي ان يحقق مع منتسبي قواته التي يقودها لكن إصدار أوامر إلقاء القبض من اختصاص القضاء حصرا.
في أيام محاكمة صدام عن مسؤوليته في جريمة الدجيل، التي أعدم بسببها، كانت هناك وثيقة مصورة (فيديو) تدينه. ظهر صدام وهو يأمر حمايته بإلقاء القبض على المتهمين والتحقيق معهم كل على انفراد. كلنا قلنا، ومعنا القاضي والمدعي العام: وان كان صدام رئيسا للجمهورية فلا يحق له ذلك. كان على المالكي ان يترك الأمر للقضاء ليمنحه، لو مرة واحدة، فرصة ليتنفس ويثبت استقلاليته. ولان القتلة ينتمون لقوة يشرف عليها المالكي بنفسه، فلربما يجد القضاء ضرورة لإصدار امر بإلقاء القبض عليه أيضا.
أكرر ان قرار إلقاء القبض خطوة مهمة وصائبة لكنه ليس من اختصاص المالكي. ورغم أهميته لكنه بسبب صدوره عن غير مصدره الصحيح، يعكس عدم استقلال القضاء ويبرئ المالكي من أي مسؤولية سلفا.
لم نسمع في محاكمة صدام انه قتل أحدا من شهداء الدجيل بيده، بل كان القتلة من القوات التابعة له فأعدم. كانت محاكمة صدام درسا قضائيا عادلا وسنة توقعنا أن تسود في العراق بعد رحيله، فعلام يضل طريقها من "يدعونا" إلى الله.
حزب الدعوة وشهيد كربلاء
[post-views]
نشر في: 3 يوليو, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 2
احمد العراقي
ابدعت واوجزت.. كلامك منطقي جدا وانا اصفق في مكاني وحتما ستمسع هذا التصفيق..بخيالك ووجدانك النقي
ابو علي الزيدي
صخيح وصحيح جدا عنندما صدر حكم الاعدام على صدام كانت التهمه ان صدام امر قواته بقتل شهداء الدجيل واليوم قوات المالكي تقتل الشهيد محمد عباس مدرب كربلاءفيجب ما طبق على صدام يطبق على المالكي الا اذا برأه القضاء من ذلك .والمسألة الخطرة هنا من يصدر مذكرة القاء ا