اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > معركة الخندق في كركوك

معركة الخندق في كركوك

نشر في: 3 يوليو, 2013: 10:01 م

قبل الجسر الواقع على مشارف مدينة طوزخورماتو كان زحام السيارات مزعجاً لدرجة كبيرة، وما كان يثير الإزعاج اكثر، هو الفوضى التي عمّت الطريق. فسيارات الحمولات الكبيرة "التريلات" تسير جنبا الى جنب مع السيارات الصغيرة الخاصّة بنقل الركاب، كما أن ولع العراقيين بمخالفة ضوابط المرور، ونزولهم عن الشارع بحثاً عن أي منفذ جانبي او فرعي للمرور، يخلق مزيداً من الإرباك ويعقّد مرونة السير أكثر.
وسط ذلك الجو الخانق والباعث على القلق والاستفزاز، لفت نظري هدوء السائق الذي كان يقلنا، الأمر الذي دفعني لمشاكسته قليلاً. قلت له: أنت هادئ لدرجة تجعلني اعتقد بانك مستمتع بهذا الازدحام؟! فرد علي: ابداً، لكنني تعودت عليه، لأنني اتعرض لمثله باستمرار وعند مداخل اكثر المدن العراقية. كما أنني بت قادراً على توقعه. فسألته مستغرباً: تتوقع الازدحام؟ قال: نعم، فبعد كل تفجير تتعرض له محافظة من محافظات العراق، علينا أن نستعد لأيام من عقوبة الانتظار على مداخل تلك المحافظات، فالجهات الأمنية لا تملك غير حل التضييق على الناس في السيطرات لمواجهة الإرهاب!
عند ذلك قلت له، إِمْعاناً باستفزازه: لا، هذا الكلام غير دقيق، فمثلاً، لدى الجهات المسؤولة عن حفظ الأمن في كركوك حلول أخرى، إذ هي بصدد حفر خندق سيحيط بمدينة كركوك ويحميها من الإرهاب. فلم يملك الرجل عند سماع كلامي هذا غير ان يرد عليَّ وهو يضحك: هذا الخندق يذكّرني بمعركة الخندق، فكلما اسمع عنه أتخيل أن جيشاً من الإرهابيين سيقف يوماً على جانب منه، وعلى الجانب الآخر، سيقف جيش من الشرطة والحرس الوطني، ثم سيصرخ احد الإرهابيين بمجاميع قوى الأمن وهو يهددهم بـ(البي كي سي) خاصته: أَخْرِجوا إلينا نظراءنا من أشراف كركوك ليقاتلونا في نزال حاسم. قال ذلك وهو يكمل ضحكته مشيحاً بوجهه عني بحركة توحي بالاستهزاء من الخطط الأمنية.
بعد قليل كنّا قد توسطنا الجسر، وعندها اتّضح أن الزحام بسبب عملية إكسائه، وأن الجهة التي تتولى إكساءه، تفعل ذلك بطريق فجّة، ولا تكترث بطوابير السيارات المحملة بالأطفال والنساء وأصحاب المصالح في هذا الحر التموزي. التفتُّ إلى صاحبي وقلت له مؤنباً: اتهمت الجهات الأمنية بازدحام تسببت به المؤسسات الخدمية؟! كان عليك أن تتأكد يا صديقي. فرد علي قائلاً: أتمنى عليك أن تسأل المسؤول الذي ستجري اللقاء معه، لماذا يفكّرون بحفر خندق حول كركوك، ولا يفكرون بتهيئة طريق جانبي تمر عليه السيارات ريثما يكملون إكساء الجسر، اسأله: هل يعقل أن يتم إكساء جسر بمنتصف النهار على احد أهم الطرق التي تعبر عليها أساطيل النقل التجاري دون ان تسبق ذلك تهيئة طريق مؤقت؟! فقلت له: سأفعل وسأسأله ايضاً عمن سيقع عليه الاختيار من أشراف المدينة لمنازلة أمراء الموت من الإرهابيين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram