صدر في بغداد عن مركز دراسات فلسفة الدين، العدد المزدوج ٥٣-٥٤ من فصلية قضايا إسلامية معاصرة التي تعنى بمناهج النقد في حقل الالهيات الإسلامية، حيث فتحت ملف "الهرمنيوطيقا والمناهج الحديثة في تفسير النصوص الدينية".وكتب رئيس التحرير عبد الجبار الرفاعي في
صدر في بغداد عن مركز دراسات فلسفة الدين، العدد المزدوج ٥٣-٥٤ من فصلية قضايا إسلامية معاصرة التي تعنى بمناهج النقد في حقل الالهيات الإسلامية، حيث فتحت ملف "الهرمنيوطيقا والمناهج الحديثة في تفسير النصوص الدينية".
وكتب رئيس التحرير عبد الجبار الرفاعي في افتتاحية هذا العدد سردا مسهبا لتجربته مع دراسة النص الديني في مدرستي النجف وقم، وتعامله مع المنهجيات الحديثة في قراءة النظم اللاهوتية ونتائجها في علم الفقه، بحثا عن معنى للدين يغاير ما هو سائد، وهو يقترح مزاوجة بين المفهوم الأخلاقي لدى المتصوفة والنزعة الإنسانية التي راجت في اوربا منذ القرن ١٨ كرد على استغلال النص الديني بشكل مفرط في مجالات السلطة والنفوذ لدى الكنيسة وفي المؤسسة السياسية.
ويقول الرفاعي ان هذا المقترح النقدي لن يتحقق دون الاستعانة بالمكاسب الجديدة لفلسفة الدين وعلوم التأويل وحقل الهرمنيوطيقا بشكل ينتهي الى التحرر من الصورة النمطية للإله والتي تشكلت في اطار الصراعات والفتن والحروب الدينية.
وفي حوار اجرته المجلة مع المفكر الإيراني محمد مجتهد شبستري والذي يعد ابرز رجال الدين الذين انفتحوا على مدارس النقد الألماني وتوظيفاته في فروع الالهيات، يتحدث الكاتب المثير للجدل عن بدايات اهتمامه بحقل الهرمنيوطيقا منذ ١٩٧٩، ويقول انه عثر هناك على علم جديد يستكمل بشكل جذري ما بدأه علم أصول الفقه الذي يعالج نصوص الكتاب والسنة.
فإذا كان اصول الفقه يتخذ من مباحث الدليل اللفظي مدخلا لقراءة الكلام الديني، فان التأويل الحديث يذهب الى دراسة جملة من عوامل الفهم المسبق والاحكام القبلية التي تتحكم بطرائق التفسير والاستنباط الرائجة.
ويولي شبستري اهتماما بالخصوصية الزمانية والمكانية لصدور النص الديني والسلوك التاريخي للانبياء والمشرعين في حقل صار اوسع اليوم من تلك الجهود التأسيسية التي قام بها في ألمانيا هايدغر وغادامير وشلايرماخر.
ويبدو شبستري سعيدا لان هذه المناهج باتت تجد رواجا واسعا بين الباحثين المسلمين وينقل ان الأمر بلغ ببعض خطباء الجمعة في ايران، انه خصص خطبة كاملة للاعتراض على حقل التأويل الجديد هذا واصفا الهرمنيوطيق بأنه "اخطر شبهة منذ زمان آدم".
وتضمن العدد اسهامات مترجمة عن الالمانية والفارسية وأخرى لنقاد عرب وعراقيين، فكتبت نايلة ابي نادر عن النص والمعنى لدى محمد اركون، وخصص علي الديري مقاله لمجازات الجسد في الخطابين الفلسفي والصوفي، مع نص لشلايرماخر تحت عنوان "دفاع عن التجربة الدينية" ومادة مشتركة لهابرماس وتيلر تحت عنوان "قوة الدين في المجال العام".