اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > أوجاع اقتفاء أثر الانتظار

أوجاع اقتفاء أثر الانتظار

نشر في: 5 يوليو, 2013: 10:01 م

تتضح مديات فهم عوالم (التشكيل) وتتفاوت تبعا لشيوع جمالياته وتنويعاته القادرة على مد حدود الوعي لتحقيق نوع من التمرد على السائد واليومي في ملاكات الاحتكام لمدى ارتباط تلك الجماليات بعدة عوامل وفنارات(ذهنية-فكرية) معينة، ولعل أغلب تلك الاحتكامات وترتبط

تتضح مديات فهم عوالم (التشكيل) وتتفاوت تبعا لشيوع جمالياته وتنويعاته القادرة على مد حدود الوعي لتحقيق نوع من التمرد على السائد واليومي في ملاكات الاحتكام لمدى ارتباط تلك الجماليات بعدة عوامل وفنارات(ذهنية-فكرية) معينة، ولعل أغلب تلك الاحتكامات وترتبط بشرعية الهواجس وجدارة الأحلام وتوالي التطلعات، وهي تتماهى في لحظات انهماك خاص، توحد فيه الروى وتتسع من خلالها مناسيب تلك الهواجس، عبر استمالات وتعزيزات في تثبيت عوامل ومتممات حالات من الذهان أو الصراع النفسي -الداخلي للفنان ساعة يفكر بمفرده وعالمه وبالشكل الذي يرضي خواطر لحظاته النوعية وطبيعة انهماكاته الخاصة، لم نزل نحفر في حقول الذات الفردية للفنان، لكي نعيد طبيعة وشكل ما سينتج من تنامي دمج العلاقة بين الفرد(الفنان)ومحيطه، وعلى منوال ما سيتضح منها، لكي يزيد من متواليات شرارات انسلاخه عن الكون أو العالم المحيط به، بكل ما فيه، من مخلفات وحروب وخسارات ستكون بمجملها هواجس أخرى.
ربما أكثر تفاقما واندلاعا من جحيم رغباته الخاصة، والمحكومة بنوع من تلاحم عضوي يكاد ان يكون نسيجا خاصا لتداخل وتضافر عدة عوامل أشرنا اليها ضمنا في مستهل الوقوف على مجمل الظروف التي ستحدد مستقبل تفكير الفرد سواء أكان فردا عاديا أو كائنا استثنائيا، يسعى لكي يعانق ويعالق ما بين عالمين (عام وخاص)،ولعل مخزى العبارة التي تسأل فيها أحد علماء النفس المعاصرين، مستغربا من العالم ينفق (بلايين)و(تريليونات) من الدولارات لكي يكتشف الفضاء الخارجي للكون، فيما لم يتم بعد الوصول الى اكتشاف الفضاء الداخلي للانسان، الا تقترب هذه العبارة من وهج عبارة (محي الدين بن عربي)القائلة:
(وتحسب نفسك جرما صغيرا ،وفيك أنطوى العالم الأكبر).
 ان ما يداني فكرة اندغام اللحظات ببعضها على هذا النحو المريب، بل الصعب-ايضا- من فضاءات التخيل وقدرات استعادة الذكريات، انما هو مهابة بحث وتحليل لمحتوى وحقيقة الوصول الى فحوى الوجود، ومديات الإحساس بنار وجمرات الغربة، التي تتوالد من جراء نفسها، كلما تزايدت مساحات الوعي وتفاقمت الأسئلة بمحنة البحث عن جواب يطفئ جمراتها.
 استهلال كهذا يتيح لنا الوقوف عند حافات مسافة خطين متباعدين غير متوازيين، تقف بينهما تجربة الفنان التشكيلي(وليد أرشد/تولد- بغداد/1963) والمقيم في(أمريكا) لتكون على مفترق طرق حرجة من ناحية الإنجاز(فعل) ومن ناحية التفكير بنوع ذلك الإنجاز(رد الفعل)،اي بمعنى اخر، تأثيرات شبح الغربة الخاص على نواتج الحنين العام، دعونا نتجاوز الشرح بالإيجاز، ونعيد ترتيب مسارات تجربة (وليد أرشد)الذي تخرج من معهد الفنون الجميلة والاكاديمية الفنية، وشارك في العديد من المعارض المشتركة والجماعية والبينالات والورش، وأقام عدة معارض في مدن أمريكية، لكي نكتشف حجم أثر تلك الغربة التي اجتاحت حياته اضطرارا، وليس طلبا مجردا ،صرفا نحو نواحي توسيع دوائر العلم والمعرفة والاكتشاف، فحسب، بل لعوامل خاصة وعامة دفعت به للقبول والانصياع لوطأة الظروف الصعبة التي مرت في العراق خلال العقد الأخير.
 لعل الاختزال بالحذف وضرورات الإضافة – كنتاج حاصل جمالي و فكري- هي واحدة من اهم سمات الفن الحديث، طالما وان اقتفاء الأثر في تتبع أحاسيس وخواطر ورؤى الإنسان ومشكلاته هي – ايضا – نواتج لذلك الجهد الإبداعي الذي ينشده الرسم ضمن مقومات التشكيل –عموما-عبر مديات تحولاته التأريخية، منذ زمن الرسوم على الجدران وحتى هذه اللحظات الحرجة والقلقة بفعل تزايد تطورات الحضارة التي نحياها اليوم, وسرعتها الفائقة، في مركب هذه الأحوال وضع(وليد أرشد) نوازع وعيه وحدود موهبتــه في فهم مجريات ومعطيات معاصرة راحت تحفر عميقا في ثنايا وجدانــه وتلافيف تفكيره لكي يعيد آثار ورموز و محركات ومسميات أحاسيسه على مساحات لوحاته بفيض هاجس الحيرة والترقب الذي أرق الكثير من الناس الذين تزاحموا في طوابير انتظار قاتل وملل  أرادوا منه وضع نهاية حاسمة لمعاناة الهجرة واشرعة الرحيل – اضطرارا- من بلدانهم لاسباب واخرى,, وسرعان ما تحول الحلم الى معاناة اضافية اضحت تتوالد من رحم تزايد أوجاع الانتظار والم الغربة بحثا عن خلاص,,, وهذا ما انعكس - تماما – على لوحاتــــه الاخيرة,, بعد مغادرته العراق, منذ سنوات, حيث تزدحم تلك اللوحات في أماكن  معينة من المساحة العامة لها, ببطاقات سفر وإشارات مرور وأختام وحقائب وغيرها مما يملي ويشيع على أجواء أعماله  نوعا من تلك المشاعر الحائرة,, فيما يترك فضاءات شاسعة – نسبيا - قد تضاهي ذلك الاكتظاظ والازدحام المقصود بمنح الفراغ سطوة الحضور بقياسات الحذف المقنع في محاولات وعيه وتمرده لاحداث صراع أضافي داخل عوالم تلك الاعمال المنفذة بمواد مختلفة يترك لها حرية التنامي وتصاعد ذلك الصراع الداخلي المحتدم  بفعل الوحشة واللاجدوى0
 (وليد أرشد) يتعاون مع ذاتـــه في نقد الواقع المعاش بالسخرية منه واحيانا بالنيل والفضح لما وصلت اليه حيوات الكثير من الناس المهاجرين من أوطانهم في زمن العولمة لعدة أسباب وغايات , وهو يعزف سيمفونية لحن مر وقاتم, مشرق ومضيئ حزين من فرط عذابات وانتظارات لا طائل من وراءها,, استطاع وليد – ايضا – ان يحيي غنائيات لونية باوتار التعبير والتجريد وان يفيض باللون كي يتحدى خطوط حادة ومرتبكة بقصد واضح وبحس طفولي عارم هو معيار الصدق الذي يحرك كل مناخات واحتدامات واسترخاءات اللعب
والتزاحم في ركن قصي من اللوحة المرسومة بعناية ونضج فني وذهني وفهم لقواعد هذا الاتفاق الإبداعي ما بين الكتلة والفراغ، اعمال (وليد) الأخيرة هي بكائيات لغناء مضى وارتحل وظل يصارع بالتعبير  الحاذق مقدرات الاختزال ومهارة الحذف كانساق موضوعية تستطيع التعبير عن نفسها بنفسها، دون اية ثرثرة زائدة أو اقحامات لرموز واشارات  قد ترهق اللوحة وتزيد من مسافة بعد الفنون المعاصرة عن واقع معاناة الانسان في زمن غربته – حتى عن نفسه – وتوحده الاجباري وانتظاراته المؤجلة وتطلعه الدائم للمستقبل الهارب منا على الدوام وما على الفن الا الرهان بالابقاء على تلك الاحلام مرفرفة، محلقة في سموات وجودها النفسي والذهني كمصدات واسترجاعات نجح الفن-كما عند محاولات ( وليد أرشد ) واقرانه المبدعين- من تقليل حجم المسافات وتقربيها بعدسات منظور ذلك الوعي، وبحجم قدرة قوة التجاوز النوعي على تحويلها الى أعمال فنية مهمة، كتلك التي أراد اختزال أثرها وعمق وجودها (هوميروس) حين قال؛ (ستبقى الآلهه تختلق الآلام...حتى يكون للشعراء أناشيد لموضوعاتهم).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

واشنطن تحذر بغداد من التحول الى "ممر" بين ايران ولبنان

تقرير أمريكي: داعش ما زال موجوداً لكنه ضعيف

انتخابات برلمان الاقليم..حل للازمات ام فصل جديد من فصولها؟

صورة اليوم

المباشرة بتطبيق الزيادة في رواتب العمال المتقاعدين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

باليت 42 بدايات عام جديد

السُّخرية السريالية ودلالة الأيقون في أعمال الفنان مؤيد محسن

المصرف الزراعي في السنك: بزوغ الحداثة المعمارية العراقية

عمارة تلد مسابقة!

دار هديب الحاج حمود.. السكن رمزاً للانتماء

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram