TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المرشد يصب الزيت على النار

المرشد يصب الزيت على النار

نشر في: 6 يوليو, 2013: 10:01 م

كان الخطاب التحريضي للمرشد محمد بديع، إشارةً التقطها الإخوان فسال الدم، وبدا وكأنّ مصر تقف أمام خيار عودة مرسي إلى قصر الإتحادية، ليكون مجرّد واجهة ديكورية لحكم المرشد، أو الفوضى التي ستقود المحروسة إلى أن تكون دولةً فاشلة، يدفع فيها أبناء الشعب أثماناً باهظةً، ليظلّ الإخوان حُكاماً يقيمون شرع الله، وينطقون باسمه، ويبدو أن الإخوان لم يتعلّموا أياً من الدروس التي مرّت إبّان حكمهم، ومنها أن لافرصة لاندلاع حرب أهلية، وأن العنف الذي قاده شبابهم، بعد الخطاب التصعيدي سينحسر، مُخلّفاً لهم المزيد من الخسائر، خصوصاً بعد دعوة حركة تمرد إلى الاحتشاد الأعظم اليوم الأحد، في كل ميادين مصر ومحافظاتها، للدفاع عن الشرعية الشعبية، والحفاظ على مكتسبات الثورة.
في خطابه التصعيدي، غير المتطابق مع واقع الحال، اختصر المرشد مسلمي مصر، بالهاتفين له عند مسجد رابعة العدوية، ونزع صفة الإيمان عن الملايين التي خرجت مطالبة برحيل مندوبه من قصر الرئاسة، وزاد على ذلك بأن نطق باسم الاقباط، مستكثراً على البابا الحديث نيابةً عن رعيته، مثلما استكثر على شيخ الازهر إبداء رأيه فيما يجري، حاول استعارة تعابير تؤكد أنه حامي الإسلام والمسلمين، بزعمه أن الجموع خرجت لنصرة الدين، وليس فقط لإعادة مرسي إلى الكرسي وافتدائه بالارواح ، مع انه كان أسوأ عدو لنفسه ولجماعته، أتقن فن صناعة الأعداء، وارتكاب الأخطاء الفادحة، كان الرجل الخطأ لقيادة هذه المرحلة، حوّل ملايين المصريين، الذين انتخبوه دون انتماء لجماعته، إلى معارضين شرسين، بعد أن أخلّ بكل وعوده، وكتأكيد على فكرة إقصاء الآخرين، شدّد المرشد على أن تنظيمه الذي التحق بالثورة متأخراً، وبعد تيقنه من انتصارها، هو من أطاح نظام مبارك، منكراً على كل الآخرين جهدهم، ومتناسياً الشهداء الذين سقطوا في معركة إطاحة النظام البائد، دون أي شعور بالمسؤولية الاخلاقية.
ما تلى خطاب بديع ليس أكثر من عملية انتحارية، يقوم بها أنصار الرئيس المعزول، حيث يُرسلون عناصرهم من المحافظات إلى العاصمة، لإقناع العالم بشعبية مرسي، ولترويع الجماهير، وتهديد الجيش المصري، لثنيه عن المضي قدماً في قراراته، متجاهلين أن الشعب المصري كسب الجولة، وهو مستعد لمواصلة التضحيات حتى يبلغ أهدافه، ما يعني ضرورة اختصار المرحلة الانتقالية، وتشكيل حكومة تسيير الأعمال، وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، لمنع احتمال الرجوع إلى خمسينات القرن الماضي، حين تحكّمت بتيارات الإسلام السياسي، عقدة عدم المشاركة في العملية الديموقراطية، وأن الوصول للسلطة يكون من خارج تلك العملية، وأنه بمجرد الاستيلاء على السلطة، لن يكون هناك مصالحات، بل استفراد واقصاء لكل من لايحمل فكرهم، بمن في ذلك من يؤمنون بديانة سماوية مختلفة.
يخشى كثيرون أن يؤدي الموقف المعنّت للمرشد، إلى مزيد من الاستقطاب بين المصريين، بعد انقسامهم على هوية الدولة، ودور الدين في الحياة السياسية، خصوصاً بعد أن قوّضت الإجراءات العسكرية مبدأ التداول السلمي للسلطة، وأكدّت الدور المهيمن للعسكر، وفيما يرى آخرون أنه لم يكن أمام الجيش غير احترام الإرادة الشعبية للملايين، فإن آخرين يرون أنه كانت أمام الجيش خيارات أخرى، من بينها تقييد يد مرسي، وإرغام المعارضة ذات الميول العلمانية وحكومة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram