في الماضي لم يكن في وسع أحد أن يطرح سؤالاً كهذا، فالمؤسسة العسكرية، جيشاً وشرطة وسواهما، منطقة محرّمة على النقد والمساءلة، لأنها مؤسسة الحاكم المحظور نقده ومساءلته ومسه بشعرة بوصفه إلهاً، أو نصف إله عندما يتواضع.
ماذا تفعل قواتنا المسلحة؟
في وسعنا الآن ومن واجبنا أن نرفع الصوت بهذا السؤال، فقد تبيّن بالعين المجردة وبالدليل القاطع أن لا قدسية للحاكم، بل انه في الغالب من أسوأ الناس وأكثرهم ارتكاباً للخطأ والخطيئة وأقلهم عناية بالصالح العام، فأنموذج نيلسون مانديلا نادر.
ومن واجبنا أيضاً ان نعيد طرح هذا السؤال على مدار الساعة، إذ يومياً تسيل الدماء في شوارعنا، وغالباً ما تصل إلى الركب، وتُزهق الأرواح البريئة بالعشرات، ويتصاعد عديد المعوقين والمحطمة نفوسهم في العمليات الإرهابية، فيما قواتنا المسلحة تبدو مهدودة الحَيل وعديمة الحيلة في مواجهة هذا الإرهاب المنظم المتفاقم الذي لا انقطاع لسلسلته الجهنمية.
ماذا تفعل قواتنا المسلحة اذا كانت لا تمنع دخول الانتحاريين والسيارات المفخخة والعبوات الناسفة إلى ساحة اعتصام مطوّقة بهذه القوات من كل الجوانب، كما حدث في سامراء والرمادي أخيراً؟
وماذا تفعل قواتنا المسلحة اذا كان إرهابيو القاعدة يعبرون الحدود مع سوريا بحرية ويصلون الى ديالى والعاصمة بغداد وينتشرون فيهما بيسر كما لو كانوا في رحلات صيد أو سفرات نزهة، و"يشترون" عناصر في الأجهزة الأمنية، كما صرح منذ بضعة أيام النائب عن حزب الدعوة الحاكم، المقرب من رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة وليد الحلي؟
وماذا تفعل قواتنا المسلحة بينما تتفجر السيارات المفخخة والعبوات الناسفة في قلب خمسة أو ستة من مدننا، بما فيها وبغداد والبصرة والموصل، في وقت واحد؟
وماذا تفعل قواتنا المسلحة فيما يعاود الإرهابيون تفجير مفخخاتهم وشنّ هجماتهم في المكان عينه مرتين وثلاثاً وخمساً خلال أيام أو أسابيع قليلة؟
وماذا تفعل قواتنا المسلحة اذا كان في قدرة عناصر ميليشيات أن تأخذ القانون بأيديها متى شاءت فتهاجم في وضح النهار مقار الصحف وفي أول الليل النوادي الاجتماعية ومحال المشروبات المجازة رسمياً، ولا من يُحرّك ساكناً ليتصدى أو يُلاحق؟
في مواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة لا تؤدي قواتنا المسلحة واجبها على خير ما يرام، وفي الغالب يتذرع المسؤولون عنها بضعف العمل الاستخباري، ولكن عندما يتعلق الأمر بمهاجمة محتجين سلميين على سياسات الحكومة تبلو قواتنا المسلحة بلاء حسناً ولا تقصر في أداء "الواجب" مثقال ذرة، كما حدث مع تظاهرات 2011 وسواها، وهي تُظهر القدر نفسه من البلاء والعزيمة والشكيمة عندما تهاجم مدرباً رياضياً أعزل كما حدث في أحد ملاعب كربلاء أخيراً.
ماذا تفعل قواتنا المسلحة؟
سؤال يُلّح اليوم بعد الآخر.. ومثله يُلحّ السؤال: وماذا تفعل قيادة قواتنا المسلحة مادامت قواتنا بهذي الحال؟
ماذا تفعل قواتنا المسلحة؟
[post-views]
نشر في: 7 يوليو, 2013: 10:01 م