بالتدريج، وبعد كل ما مرَّ بنا من ازمات خلال سنوات تمثل بالنسبة لبعضنا كل عمره وللبعض الاخر نصفه ولآخرين ماضيهم ولغيرهم حاضرهم الذي يستمر حتى هذه اللحظة، وبعد ان بلغت الازمات ذروتها بأزمة حلم بناء بلد ديمقراطي، صار يمكن لنا ان نسمع من العديد من المثقفين كما نسمع من الناس البسطاء ذلك المثل العراقي الشهير الذي يدل على يأس حقيقي: "اللي ياخذ أمي.. " فلم يعد الشعب يهتم بأمر من يحكمه؟ وكيف سيحكمه بل كيف سيعيش خلال فترة حكمه وهل سيحقق ولو جزءاً من متطلباته الضرورية ولا أقول احلامه فالحلم ذاته يحتاج من المرء ان يضع رأسه على وسادة في لحظة راحة ليرسم في غفوته ما يساعده على احتمال واقعه او ان يجد فرصة مريحة ايضاً لاطلاق خيالاته، ورسم احلام يقظة يواجه بها واقعه بسلاح امضى فالصحوة اشد مضاءً من السبات، لكن تلك اللحظة المريحة قد لا يوفرها النوم ولا "الصفنة" لان احداث الواقع المتسارعة تدق على رؤوسنا كمطارق عنيفة يرافقها ضغط المعيشة وأساليب مواجهة الحياة ووسائل الافلات من قبضة المصائر المرعبة المتوقعة في كل زمان ومكان من بلدنا الذي أرهقه الحنين الى الامان والسلام.. نحن نعيش مخاضاً عسيراً كما يقول السياسيون ويالها من لحظة اليمة تلك التي تدفع الإنسان الى التخلي عن حريته وقدرته على الاختيار مقابل بقائه، إذ كما يمكن للحاكم الطاغي ان يوهم الناس بانهم آمنون نظير امتلاكه مصائرهم وحرياتهم، فولادة حكومة ديمقراطية بعد مخاض عسير وطويل قد يجدد لنا الوهم بتحقيق السلام والامان نظير قبولنا بكل ما تفرزه العملية السياسية من تبعات ونتائج قد تقود بالتالي ايضاً الى استلاب حرياتنا ومصادرة آرائنا وقبل كل شيء وضع متطلباتنا على الرف حتى اشعار آخر.
فالطريق الى تنفيذها مازال شائكاً والانتظار يجلدنا بسوطه وتحاصرنا مسلسلات القتل المنظم لفئات مختلفة من الشعب كالطيارين والضباط السابقين واللاحقين والصحفيين والقضاة والاطباء واخيرا وليس آخرا اللاعبين لدرجة ان سائق مركبة يقترب من سائق مركبة اخرى في الشارع ليدله عن مكان ما يفاجأ به يسأله بسخرية اقرب الى الجدية.."اخاف شايل كاتم؟" بينما ترفض وزارة الداخلية فكرة وجود مسلسل قتل للاطباء على سبيل المثال وتعتبر قتل احد اهم مفاصلهم مسألة شخصية!!....(عادي)... فذرائع الحكومة كثيرة لتبرير قتل الابرياء ودائما مايدان فيها الابرياء انفسهم فلماذا يجعلون انفسهم عرضة للقتل؟!!!
في مثل هذا البلد الذي تحطمت فيه اهم فقرة في عمود بنائه الفقري وهي (الامان) قد تتحول دولة القانون التي حلمنا بها الى دولة (بلطجة) ولاتخجل الحكومة من الاعتراف باخطائها في قيادة العملية الديمقراطية بنجاح وتحاول تخدير الشعب بوعود الاستثمار وفرص العمل المقبلة بعد ان حولتنا سياستها (الفوضوية) والتابعة لجهات تتحكم فيها وتسيرها الى دول (نايمة) وليست (نامية).. ومازلنا ننتظر - نحن من لابديل لنا سوى الانتظار –الاستمتاع بالسلام والامان في بلدنا الغافي على وعود الحكومة!!
وإذن فالبديل فيما أظن هو الاستمتاع قدر الامكان بما لدينا من كهرباء وطنية حالياً فقد توفرت ربما بسبب اعتدال المناخ وستمكننا من كسب ساعات أكثر من الاسترخاء النفسي وبالتالي القدرة على النوم والتأمل عسى ان نتمكن من نسج احلام مستقبلنا بانفسنا.
دول (نـايمــة)
[post-views]
نشر في: 8 يوليو, 2013: 10:01 م