الرئيسية > أعمدة واراء > نصيحة للإخوان المسلمين

نصيحة للإخوان المسلمين

نشر في: 8 يوليو, 2013: 10:01 م

يرتبط شهر رمضان المبارك، دائماً، بجملة من الطقوس والعادات والتقاليد، التي يقوم بها الناس ولا ترتبط مباشرة بالعبادات الخاصَّة بهذا الشهر. كما هو الحال مع "الماجينا يا ماجينا" ولعبة المحيبس، وغير ذلك من الممارسات التي تختلف باختلاف الشعوب المسلمة.
هذا النوع من الارتباط بين العادة والعبادة، وبين الديني والاجتماعي، يكشف البعد الحقيقي للدين، البعد الذي لا يتقاطع مع حاجة البشر إلى الترفيه، خاصة وان انسجام العبادة مع العادة الترفيهية، يجعل تأثير الدين اكبر واشمل، فلا يعود شأناً من شؤون شريحة محددة من الناس.. لكن هذه الحقيقة "الانثربولوجية" لا يستطيع ان يفهمها القائمون على الدين، ممن يتخيلون بأنه عبارة عن وصفة جاهزة يجب ان تطبق بحذافيرها مع غض النظر عن التغيرات الهائلة التي طرأت على المجتمع البشري. هؤلاء لا يريدون ان يعترفوا بحقيقة، ان الدين يجب ان يتكيف مع عادات الناس، لأن هذه العادات لا تأتي من فراغ، بل تأتي لسد حاجات اجتماعية وحياتية، والوقوف بوجهها يشبه محاولة الوقوف بوجه مجرى النهر، فعاجلاً أم آجلاً سيجد النهر مساراً مختلفاً لمجرى مياهه التي لا يمكن حبسها إلى الأبد.
هذا النقاش يفتح ملف حدود الدين، وما يجب ان يتدخل به، وما يجب أن ينأى بنفسه عنه. وهو ملف طويل عريض ولن تنتهي مناقشاته. لكن ما أريد التنبيه عليه هو وجوب توقف الإسلاميين عند تجاربهم التاريخية الطويلة، الخاصَّة بمحاولاتهم فرض تصور محدد للدين، وأين نجحوا وأين اخفقوا، ودائماً اذكّر في هذا الاطار بموضوع فرض الحجاب على الإيرانيات من قبل نظام يريد أن يكون إسلامياً، ففشل هذا النظام باقناع شريحة كبيرة من الفتيات بارتداء الحجاب كاملاً، يكشف عن أزمة يجب على الإسلاميين ان يتوقفوا عندها، ويعيدون على أساسها تقييم منظومة الحلال والحرام. لأن الاستمرار بالفشل مؤشر خطير.
اليوم لا تستطيع قوة على الأرض أن تحول بين العوائل وبين متابعة المسلسلات الرمضانية، وهي متابعة تبدأ، عند الكثير من العوائل المسلمة، قبل مدفع الإفطار، ولا تنتهي إلا عند وقت السحور، وتستغرق اغلب الوقت الذي يفترض بانه مخصص للعبادة والذكر، لكن هذه العبادة وذاك الذكر مستحبان وليسا واجبين. وهنا تأتي المناقشة، فسعي بعض رجال الدين الى التشنيع على بعض العادات الاجتماعية ومحاولتهم الصعود بما هو مستحب إلى درجة الواجب، يكشف عن جهل كبير. جهل يضع الدين أمام تحدٍ خطير، فاذا انصاع لهؤلاء المشنعين، الناس فسينصاعون كارهين، ما يحول الدين إلى شيء يشبه الدواء المر. وإذا لم ينصاعوا فَسَتَسْهُل عملية الاستهانة بالدين وبتعاليمه. يا سادتي الكرام، تدينوا كما تريدون، لكن اتركوا الناس تطبق الدين بالطريقة التي تُحب ولا تتقاطع مع جوهر الدين، اقبلوا بهذا الخيار أو بخيار مواجهة الفشل الفاضح الذي اثبتنه مسيرتكم الطويلة عبر التاريخ.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

المفوضية: لا تصويت دون بايومترية ومستعدون للانتخابات في موعدها

حسين عرب يعلن استقالته من عضوية البرلمان

أسعار صرف الدولار في الأسواق المحلية

بموعدها المحدد.. المفوضية تعلن استعدادها لإجراء الانتخابات

مجلس الوزراء يحدد موعد إجراء الانتخابات التشريعية

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

قناطر: الزبير والمُستزْبِرون

العمود الثامن: من يحاسب ضباط الداخلية ؟

هلال العيد.. جدل متجدد بين الفقه والعلم وثقافة الاختلاف

التحدي الوجودي للمشرق العربي

من يونيتاد الى المحكمة الجنائية الدولية..العدالة الدولية تحت المطرقة

العمود الثامن: قوات سحل الشعب

 علي حسين فضّ تظاهرات الكوادر التعليمية في محافظة ذي قار بإطلاق الرصاص والغاز المسيل للدموع ومطاردة المتظاهرين في الشوارع ، أُسلوب يفتقر إلى أدنى أساس أخلاقي أو سياسي، فالتظاهر والاحتجاج حقّ تكفله القوانين...
علي حسين

قناطر: العالم يتوحش .. المخالبُ في لحمنا

طالب عبد العزيز على شاشة حاسوبي(اللابتوب) ثلاثة أعمال شبه جاهزة، كتاب شعر، وآخر مختارات شعرية، وكتاب في السرد(مذكرات) لكنَّ الرغبة في النشر معدومة بالتمام، لدي شعور بلا جدوى الأشياء كلها، بما فيها الحياة... هذا...
طالب عبد العزيز

"الحشد الشعبي"... شرعنة التشكيل بوظائف جديدة

إياد العنبر بين الإجابة على فرضيات الضغط الأميركي باتجاه حل "الحشد الشعبي" والخلافات بشأن تمرير قانونه في البرلمان، وبين الصراع على رئاسته والخلاف بين الأقطاب السياسية في "الإطار التنسيقي" بشأن السن القانونية لرئيس هيئته،...
اياد العنبر

نتنياهو في واشنطن: سياسة اللاعودة وإعادة ترسيم العزلة

محمد علي الحيدري في توقيت بالغ الحساسية، حلّ بنيامين نتنياهو ضيفًا على البيت الأبيض، مستعيدًا دفء العلاقة مع دونالد ترامب، الرئيس العائد إلى الحكم وسط انقسام داخلي أميركي وصعود يميني عالمي. لم تكن الزيارة...
محمد علي الحيدري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram