كتب كارل ماركس ذات مرة في رسالة الى زوجته جيني، عام 1856، عندما غادرت الى (ترير): (إن حبي لك، عندما تكونين بعيدة عني، يبدو هائلاً.. الحب ليس كما الكائن البشري الذي تحدث عنه فيورباخ وليس أيضاً مثل الحب نحو البروليتاريا، ولكنه حب الحبيب، يجعل الرجل مرة
كتب كارل ماركس ذات مرة في رسالة الى زوجته جيني، عام 1856، عندما غادرت الى (ترير): (إن حبي لك، عندما تكونين بعيدة عني، يبدو هائلاً.. الحب ليس كما الكائن البشري الذي تحدث عنه فيورباخ وليس أيضاً مثل الحب نحو البروليتاريا، ولكنه حب الحبيب، يجعل الرجل مرة أخرى رجلاً).
ماركس النموذجي: رومانتيكي، جذاب، مواطن عالمي، وهو قادر في لحظة الجمع ما بين الثورة العمالية مع احتجاجات زوجته المفتون بها، ولكنه كان ايضاً غير مخلص، حيث تمكن في احدى رحلات زوجته ان يجعل المرأة التي تعمل لدى العائلة، حاملا.
وهذه هي الصفات التي يتحدث عنها-جوناتن سبيربير، عبر 600 صفحة عن سيرة حياة كارل ماركس.
وخلافاً للسيرة التي كتبها فرانسيس وين الجافة.. فإن سبيربير يقدم نظريات التاريخ في قلب دراسته.. وحسب سبيربير الذي ركزت أعماله الناجحة السابقة على الثورات التي حدثت في الراين، في خلال عام 1848، محدداً بنجاح تحديد موقع ماركس ضمن العالم البرجوازي هناك، في مراحل حكم نابليون ثم البروسيون، وفي كافة مراحل الكتاب هناك إضاءة ما حول مقاطعة ماركس- العلاقة المعقدة مع والده هينريك الذي كان يحبه كثيراً، وتقاليد العائلة اليهودية، وأيضاً والأكثر أهمية هو اصل الاشمئزاز (لنظام المجتمع) والسطلة والملوك الذين كانوا يحكمون المانيا مع الطبقة الارستقراطية والبيروقراطيين وضباط الجيش.
ويلعب سبيربير دور الهيغيلي الشاب لودفيغ فيورباخ، في تشكيل إدراك ماركس للعزلة والنفور ويمثل ايضاً الدور غير النموذجي لإدوارد غانز وبرونوبوير.
مؤكداً على أهمية الزمن في كل من برلين وباريس، مشكلاً اطار الماركسية الشيوعية كرد فعل للقوى المنتجة الفاعلة التي لا علاقة لها بالثورة الصناعية.
والأمر المثير للدهشة هو سجل جديد للمرحلة الزمنية التي عاشها ماركس في كولون، عندما أصدر صحيفة ليبرالية، معتبراً إياها ضرورية، بالرغم من التضحية بالمال كما يتحدث المؤلف عن الدعم المالي الذي كان ماركس يقدمه للبرجوازيين في الراين من اجل تسريع الثورة الاجتماعية، وهذا الأمر يساعد على تفهم وشرح الشكر الذي قدمه ماركس وإنغلر للبرجوازيين في مستهل البيان الشيوعي.
وقد عاش ماركس وزوجته حياة فقيرة، وقاسى جراء ذلك، فالفقر قتل ابنه إدغار وأساء الى علاقته بوالدته، والتي رفضت منحه حصته من ممتلكات والده هينريك، وهكذا عانى ماركس من الفقر وهو يعيش في لندن- العصر الفيكتوري- مما جعله يندمج في عالم السياسيين والمهاجرين، كما ان معاناته المالية، كانت دافعاً لتشكيل الغضب الشديد الذي يغلف فلسفته، حيث ان اليأس الشخصي كان يدفعه نحو تبني أسلوب راديكالي ثوري أشد صلابة ما بعد عام 1848.
أما فردريك إنغلر، فكان لديه بعض المال، أنقذت ماركس من الإفلاس التام، ومنحته الحرية لكتابة (رأس المال).
والكتاب المقدس بالنسبة للماركسية هو (راس المال)، مع ان عدداً من كبار الأعضاء لم يقرأوه وكان العالم يتغير في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر: التقدم الصناعي، الاسواق الاستعمارية تحول وتغير اقتصاديات العواصم الكبرى، وهناك الطفرة الفيكتورية التي أدت الى نمو الطبقة الوسطى، ومع ذلك فان ماركس كان لايزال يتصارع مع جيمس ميل وتوماس مالثوس.