فتحنا في مجلة مدارك سنة 2005 ملفاً عن الازدواجية التي تعانيها الأحزاب السياسية العراقية، فهي تتصدى لبناء دولة مدنية ديمقراطية، من جهة، بينما هي لا تؤمن بالديمقراطية ولا تعتمد آلية التداول السلمي للسلطة في داخلها، من جهة أخرى، وفي هذا التصرف منتهى الازدواج!
المحور الأساس الذي طرحناه في ذلك الملف هو البحث في قدرة هكذا أحزاب على رعاية دولة من النمط الحديث. وكان الموضوع اللافت من بين المواضيع المطروحة في الملف، ما كتبه الزميل عمار السوّاد، ووثَّق خلاله لقاءات مع معظم قيادات الأحزاب السياسية، وسألهم عن علَّة تمسكهم بالسلطة داخل احزابهم، إلى درجة تُحَوِّل هذه الأحزاب إلى كيانات عائلية وليست مؤسسات سياسية. طبعاً كانت إجاباتهم مضحكة، فكلهم انكروا تهمة التمسك، وتحدثوا عن وجود مؤتمرات دورية يتم خلالها انتخاب القيادات، وبالتالي فالعملية ديمقراطية ويوجد تداول سلمي للسلطة. الكلام عن المؤتمرات والانتخاب صحيح، ولكنه لا يؤدي إلى انتقال السلطة بل إلى تكريسها بشخص واحد، والسبب هو أن أحزابنا تعمل بذهنية المؤامرة والانقلاب، حيث يعمل الجالس على أعلى هرم المسؤولية في الحزب، على تقريب الأقربين وإبعاد الأبعدين، وبذلك يسيطر بصورة أو بأخرى على الدائرة التي تتولى انتخابه، ويضمن من ثم بقاءه على كرسي الرئاسة.
هذا وصف مختصر للثقافة التي تتشكل من خلالها أحزابنا وقوائمنا الانتخابية ومن ثم برلماننا ومجالس محافظاتنا. وهو وصف يفسر تمديد برلمان إقليم كردستان الفترة الرئاسية للسيد مسعود بارزاني، دون أن يقدم تبريرات كافية لهذا التمديد، الذي يثلم البناء الديمقراطي ثلمة مخيفة تُعّبِّر بصورة جلية عن خطورة بيئتنا السياسية.
ليست هناك مشكلة في تمسك أي شخص بالسلطة، فهذا امر طبيعي، وكل منّا لو تهيأت له أسباب الوصول إلى سلطة من نوع ما، فسيحاول أن يبقى متمسكاً بها، لكن المشكلة في المؤسسة التي تسمح لشخص ما ان يلتهمها، والمؤسسة عبارة عن افراد، ولم نسمع بان افراد هذه المؤسسات الحزبية انتفضوا على استبداد قياداتهم. وهذا ما يجعلني اطرح السؤال التالي: كل أحزابنا السياسية لا تغير قياداتها، بضمنها الأحزاب اليسارية والليبرالية، فهل يعني هذا بان جميع كوادر هذه الأحزاب تعمل بذهنية السيد والتابع؟!
أنصاف آلهة؟!
[post-views]
نشر في: 9 يوليو, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 1
ايمان علي
وهذه الذهنيه يتميزبها كل العراقيين