TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > دعماً لـ"إرادة مصر":مبادرة لمقاربة المشهدين في مصر والعراق

دعماً لـ"إرادة مصر":مبادرة لمقاربة المشهدين في مصر والعراق

نشر في: 9 يوليو, 2013: 10:01 م

فيما يشتدّ الصراع في مصر للحفاظ على استعادة الشعب لخياره في بناء دولة وطنية ديمقراطية، مدنية المبنى والتكوين، يراوح شبابنا ومثقفونا في سلم المناحة وجلد الذات، على خيبتهم وعجزهم عن استنهاض قوى الشعب العراقي لمنازلة من يريد مصادرة إرادته، والعبث بمصائره وإبقاءه في قاع الحرمان والتخلف، دون اقتدارٍ على فرملة تفكيك روافد الدولة، وتمزيق نسيج المجتمع، وتكريس أوبئة الفساد، وتدنيس القيم وإشاعة الاختلاف والتطاحن الطائفي.
ولا أحد يشكك بالطاقة الخلاقة الكامنة في الجسد الثقافي والشبابي العراقي، ولا في ضعف إرادتهما على إجراء تغيير في موازين القوى، من شأنه إعادة الاصطفاف السياسي والاجتماعي، لخلق ظروف تتيح معافاة الحياة السياسية في البلاد، واستدراجها إلى مسارات التقدم والتطور.
لكن هذه الطاقات الكامنة، "تناومت" بفعل تعاقب الأنظمة الاستبدادية، وتحت تأثير الانكفاء الطائفي وآثاره المعيقة والمكبّلة خلال سنوات ما بعد التغيير.
ومع أن حراكاً مؤثراً غطى المشهد السياسي عام ٢٠١١، تحت شعار الحريات أولاً، وبغداد لن تكون قندهار، لكنه ظل حراكاً محدوداً وأمكن إجهاضه بوسائل القمع، وتحييد أوساط مؤثرة من نشطائه، بالأساليب التقليدية لسلطة شبه متسلطة تعتمد أدوات الاستبداد، دون إغفال اللوثة الطائفية التي أخلّت بالتوازن الوطني الجامع للحراك وطبيعته. وقد أعادت انتخابات المحافظات الاعتبار لما هو كامنٌ من طاقة الحراك الشعبي وقدرته في اللحظة المناسبة على تغيير المشهد السياسي وتوازناته، والارتقاء به إلى مستوى تطلعاته وأهدافه الديمقراطية.
إن السكون بكل صيغه، وخصوصاً حين يعبر عنه في المجتمع وتناقضاته، يؤدي مع التقادم إلى حالة من ركود الهمم، ومظاهر من التردد قد ينجم عنه ما يُشبه اليأس والاستسلام، وهو ما يتطلب من القوى الفاعلة في مثل هذه الحالة، إيجاد منافذ للطاقة تحول دون تكريس حالة السكون وانتقالها إلى ركود ويأس.
وما دامت شبيبتنا ومثقفونا يتشاغلون منذ الإعصار الجماهيري المصري، بمتابعة تطوراته ومآل نشطائه في تمرد وجبهة القوى الديمقراطية بكل تجلياتها، فمن باب أولى تحويل هذا التشاغل إلى فعل تضامني، يقارب بين الحالتين العراقية والمصرية، ويصب في اتجاه دعم القوى الضامنة لمصر وطنية مدنية ديمقراطية. وقد ينفع مثل هذا الانشغال في ظرف تعذر مشاغلة عراقية تجسد رؤيانا الوطنية العابرة للطوائف ومتاريسها المضللة.
إن مصر التي "استعادت القصر"، تواجه تحديات وشغباً ومحاولات النيل من إرادتها الشعبية، ومن بين التحديات التي تستهدفها إنهاك اقتصادها وتقييد تدابير إنقاذها من الحالة التي وضعتها فيها سلطة الإخوان المسلمين. وفي هذا الاتجاه انطلقت مبادرة مصرية لدعم بناء مصر بالدعوة الجماهيرية للتبرع لصندوقها الوطني. وإذا كنا نرى في مصير الصراع في مصر وحراك شعبها الديمقراطي، مقاربة مع مصائرنا، بل ما يمكن ان يؤثر على العالم العربي بأسره ودول الإقليم من حولنا، فإننا أمام مهمة التحول من الانشغال السلبي إلى النشاط التضامني بأبسط أشكاله، وذلك بتنظيم حملة شبابية بالتكامل مع قوى المجتمع المدني والمثقفين بالتبرع لصندوق مصر.
ان مؤسسة المدى، وهي تتابع بقلقٍ وتعاطف ما يجري في مصر، وإدراكا منها لحجم انعكاس نتائج ذلك على ما ينتظرنا والعالم العربي، تبادر من جانبها بحملة دعم "إرادة مصر" الحرة، فيتقدم رئيس المؤسسة بتقديم مئة ألف جنيه للصندوق، ويتطلع إلى تبرع العاملين في المؤسسة بأجور يوم عمل واحد على الأقل.
ومهما قيل عن رمزية ما سنقدمه، فانه يقدم نفسه بنفسه بوصفه ارتقاءً بالتفاعل مع الإرادة العظيمة لام الدنيا وشبيبتها ومثقفيها وشعبها الخلاق. والتحرك بحد ذاته يكتسب قيمته ومغزاه، من تأكيد جدارة الشعب في إعادة الاعتبار لذاته كمصدر لكل سلطة وإرادة.
فهل سنتحول من المشاغلة وتلبس المقاربة الافتراضية، إلى نشاطٍ إنساني للتواصل الحقيقي مع شعب رفض حالة السكون والرضوخ، وبدد مخاوفه، ليتسيّد على وطنه؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram