لا يجرؤ أي عراقي النيل من جهد مجموعة رفعت راية البلاد في محفل عالمي شهد تنافساً محموماً ومجنوناً وعطاءً خارقاً كالذي بذله ليوث الرافدين في بطولة تركيا للشباب تحت 20 عاماً توّج بحصولهم على المركز الرابع في اختتامها اول من امس إلا إذا كان صاحب قلب حقود ونيات سيئة مبيتة لتسقيط الاشخاص، وهو ما نرجحه اليوم بعدما إزداد أعداد المناوئين لصناع الفرح في قلب وطن مكلوم من وريد الشمال الى شريان الجنوب!
ومتوهم مَن يفسر الانتقادات المنطقية والواقعية والمباشرة التي وردت هنا وهناك من ثلة معروفة لمعشر المدربين والصحفيين ِاثناء البطولة على أنها شراكة في جريمة خارجية لتقويض معنويات اللاعبين وقتل طموحهم الذي كبر من دور الى آخر، فهؤلاء لا يملكون أدب النقد وأسرار كشف المستور، بل لا يجيدون سوى التصفيق ومداراة الخواطر لكسب الاشخاص ولو على حساب سمعة ومصير منتخب البلد.
نعم هناك الكثير ممن قارنوا بين المركز الرابع للأولمبي في أثينا عام 2004 والمركز ذاته للشباب في اسطنبول 2013 حيث أغرتهم لعبة المراكز في تقييم كفاءة المدربين واللاعبين بعيداً عن المستوى والتنظيم والخبرة وكيفية التعامل مع الظروف الطارئة اثناء المباريات والظهور المتماسك للفريق طوال مباريات البطولة، لكن العامل الوحيد الذي لا يختلف عليه إثنان هو فطنة المدرب في ربع الساعة الأخير من المباراة، كيف يتدارك أمره، وماذا يعد من بدائل، وهل تستطيع افكاره انقاذ لاعبيه من الشرود نتيجة الضغط المتواصل واستنزاف اللياقة البدنية المتوقع؟!
تعالوا في حسبة بسيطة نتعرف على الدقائق الحرجة التي اصابت منتخبينا الوطني والشبابي بمقتل للفترة من تشرين الثاني 2012 ولغاية تموز 2013 بعهدة المدرب حكيم شاكر:
أولاً، خسرنا لقب نهائي آسيا للشباب في رأس الخيمة الإمارات بتاريخ 17-11-2012 بعد ان سجل الكوري مون تشانغ جين هدف التعادل في الدقيقة 92 (نتيجة الوقتين الاصلي والاضافي 1-1، وحُسمت لكوريا بفارق ركلات الترجيح 1-4).
ثانياً، خسرنا لقب غرب آسيا الثامنة في الكويت بتاريخ 20-12-2012 بهدف مباغت احرزه السوري صالح حسن في الدقيقة 74 (النتيجة النهائية 0-1).
ثالثاً، خسرنا لقب دورة كأس الخليج 21 في المنامة بتاريخ 18-1-2013 بهدف الإماراتي اسماعيل الحمادي في الدقيقة 107 (النتيجة النهائية 1-2).
رابعاً، خسرنا فوزاً مستحقاً أمام كوريا الجنوبية في الوقت الأصلي ضمن الدور ربع النهائي مونديال الشباب تركيا / قيصري بتاريخ 7-7-2013 بعد ان سجل هدف التعادل الكوري جونغ هيون تشيول في الدقيقة (120+2) وانتهت النتيجة بوقتيها الأصلي والإضافي 3-3، قبل أن تبتسم ركلات الترجيح لنا وتهدينا التأهل الى الدور نصف النهائي بفارق 5-4.
خامساً، خسرنا فرصة العمر لبلوغ نهائي مونديال الشباب 2013 في مدينة طرابزون التركية بعد ان حطم الأورغوياني غونزالو بوينو آمال شبابنا باحرازه هدف التعادل في الدقيقة 87 ليسرق المباراة الى شوطين اضافيين ثم ركلات الترجيح من علامة الجزاء التي ادارت وجهها عنا بعد ان مزح علي فائز وسيف سلمان معها وأهدرا ركلتيهما بتهور غير مبرر أنهى حلم التاريخ بالحصول على اللقب الذي لن يتكرر ربما لسنين طوال!
فكيف يكون تقييم المدرب بعد ذلك النكوص الفاضح، ولماذا يستثنى من خسارة هو شريك فاعل فيها، من المسؤول عن ترك لاعبين يتيهون في أشدّ الأوقات اللازمة لليقظة والحذر، لاسيما وقد خبرته تجارب المهنة قبل ولوجه ساحة التدريب، إن حسم المعركة لن يحصل إلا بتأمين جميع خطوط المواجهة ومواصلة الدفاع المستميت من دون السماح للغرور أن يتسرب الى داخل النفوس أو الاستسلام للنتيجة بدافع الطمأنينة؟!
على العموم انتهى مشوار الليوث ببياض مشاركتهم وسواد بعضها، وطويت مواجع الجدل وحملات التشكيك، وسيخلد الجميع الى الراحة باستثناء اعضاء اتحاد الكرة فقد بدأ وقت الجد لوضع تجربة الشباب محل نقاش مسؤول بغية عدم تكرار غلطة المنتخب السابق أي اعتماد العناصر ذاتها لتبقى عشر سنوات اخرى، بل هناك جيل متجدد في مسابقات الدوري والأولمبي وحتى العسكري الذي وصل الى نهائي البطولة بامكاننا ان نؤلف خليطاً قوياً لمنتخب جديد نخوض به غمار تصفيات أمم آسيا 2015 التي تعسّرت رحلتها بعد خسارتنا امام الصين.
وكذا الحال لابد من التفكير بالمدرب المحلي في حال التخلي عن بترو كما تشير الاخبار تحت الطاولة، يجب ألا ترتبط تسمية مدرب الأسود بقوى جذب عاطفي لما تحقق في مونديال الشباب فذلك يعد احتكاراً غير مقبول وإيذاناً لنكبات مقبلة، الصراحة التي يجب أن يسمعها حكيم شاكر هي " شكراً ما قصَّرت.. المهمة انتهت " وهذا ليس انتقاصاً منه، بل ترو ٍ وحكمة لانتقاء المدرب المناسب الذي يقود الكرة العراقية على خط ٍ متواز ٍ وعلاقة وثيقة بين ضرورات التكتيك.. والاحتراس من قتل الفوز!
شكراً حكيم.. المهمة انتهت!
[post-views]
نشر في: 14 يوليو, 2013: 10:01 م