TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اعداء الجمهورية

اعداء الجمهورية

نشر في: 14 يوليو, 2013: 10:01 م

 في اول اجتماع حزبي تلقى علوان من مسؤوله الدرس الاول في فهم النقد والنقد الذاتي وممارسته باعتماد الحوار، لغرض توطيد قوة ومتانة التنظيم ورصد وتشخيص الاخطاء سواء صدرت من القياديين او القواعد، ولا يستثنى من النقد الامين العام او زعيم الحزب، الفكرة استوعبها علوان المنحدر من اصول ريفية، وبطريقته الخاصة حاول ان يطبقها داخل اسرته وخاصة مع شريكة حياته ابنة عمه صاحبة الحظ السعيد لارتباطها برجل يعمل موظف خدمة في دائرة البلدية بمدينة الكاظمية حصل على وظيفته مطلع عقد الستينات من القرن الماضي بجهود من رئيس الجمعيات الفلاحية الراحل عراك الزكم.
 ابناء واحفاد علوان لطالما استذكروا حوادث تتعلق بتطبيقه النقد الذاتي، ومنها انه في احد الايام وعندما كان يجلس في مقهى سيد صادق في باب الدروازة وسط الكاظمية وجه انتقادا شديد اللهجة الى شرطي مرور شاهده يأخذ "الواشر" الدرهم مبلغ الرشوة من سائق سيارة خالف قواعد المرور، واثناء طلب الشرطي من عامل المقهى الشاي، صرخ علوان وبلغة اثارت انتباه الرواد: "ايها العامل لا تقدم الشاي للمرتشين من أعداء الجمهورية ومن يتقصد الاساءة للزعيم العظيم عبد الكريم قاسم" والشرطي لم يتحمل قول علوان وباستخدام النطاق الجلدي  وجه له ضربات موجعة انتهت بتدخل الآخرين، وبعد الشجار وعندما استعاد الرجل أنفاسه، وجه انتقاداته لاشخاص لا يؤمنون بالنقد محملهم مسؤولية الانحطاط السياسي والاجتماعي، وتهديد مستقبل الجمهورية.
ومن حوادث النقد التي تعلمها علوان من اول درس حزبي انه تهجم على كليط عشيرته يوم زاره في بغداد قادما من قريته في التاجي وسبب التهجم يتعلق بجهل الكليط الجلوس في المرحاض بالاسلوب الصحيح، وبينما حاولت الزوجة تدارك الموقف وطلبت من علوان ان يكف عن النقد، لانه وبحسب تعبيرها سوف يهجم بيوتنا، ويقطع صلة الارحام، ويثير الكراهية بين الاهل والقارب، واعتراض الزوجة لم يجعل علوان يتخلى عن فكرة النقد، فهو أعطى كلمة شرف لمسؤوله الحزبي بان يطبق النقد الذاتي حتى مع نفسه.
 علوان لم يعرف من حزبه سوى الاسم فقط، وعندما كان يوجه له الشيوعي سؤالا ما "يظل يفر بأذانه" فليس لديه ما يقوله سوى التمسك بالنقد والنقد الذاتي، وفي حال الدخول بمناقشات في مقهى سيد صادق تتناول اداء عبد الكريم قاسم ومسيرة الثورة يرتفع صوت علوان متناسيا حادث نطاق شرطي المرور، ويؤكد امام الجميع ان الثورة باقية، بالتفاف الجماهير الفلاحية وفي مقدمتهم عراك الزكم حول الزعيم، تتحطم مؤامرات الاستعمار والرجعية وعلى صخرة التلاحم الوطني وفي ذلك الوقت لاوجود للصداميين والتكفيريين، فهذه البدعة ظهرت في العراق بعد ان شهدت البلاد احداثا سياسية لم تشهد لها مثيلا جميع دول المنطقة والعالم، فتحققت نبوءة زوجة علوان يوم قالت "النقد الذاتي راح يهجم بيوتنا" وتحقق ذلك عندما كثر أعداء الزعيم والجمهورية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: ليلة اعدام ساكو

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

العمود الثامن: ليلة اعدام ساكو

 علي حسين الحمد لله اكتشفنا، ولو متاخراً، أن سبب مشاكل هذه البلاد وغياب الكهرباء والازمة الاقتصادية، والتصحر الذي ضرب ثلاثة أرباع البلاد، وحولها من بلاد السواد إلى بلاد "العجاج"، وارتفاع نسبة البطالة، وهروب...
علي حسين

قناطر: المسكوت عنه في قضية تسليم السلاح

طالب عبد العزيز تسوِّق بعضُ التنظيمات والفصائل المسلحة قضية الرفض بتسليم أسلحتها الى الدولة على أنَّ ذلك قد يعرض أمن البلاد الى الخطر؛ بوجود تهديد داعش، والدولة الإسلامية على الحدود مع سوريا، وأنَّ إسرائيل...
طالب عبد العزيز

ناجح المعموري.. أثر لا ينطفئ بعد الرحيل

أحمد الناجي فقدت الثقافة العراقية واحداً من أبرز رموزها الإبداعية، وهو الأديب ناجح المعموري الذي توزعت نتاجاته على ميادين ثقافية وفكرية متعددة، القصة والرواية والنقد والميثولوجيا. غادرنا بصمت راحلاً الى بارئه، حيث الرقدة الأخيرة...
أحمد الناجي

من روج آفا إلى كردستان: معركة الأسماء في سوريا التعددية

سعد سلوم في حوارات جمعتني بنخبة من المثقفين السوريين، برزت «حساسية التسميات» ليس كخلاف لفظي عابر، بل كعقبة أولى تختزل عمق التشظي السوري في فضاء لم تُحسم فيه بعد هوية الدولة ولا ملامح عقدها...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram