شاكر أبو زيد ترك مدينته الناصرية نهاية عقد السبعينات من القرن الماضي ، متوجها الى العاصمة بغداد ، ليتخلص من ملاحقة رجال الأمن المكلفين بتنفيذ حملة ، تستهدف الشيوعيين بعد خراب ما كان يعرف بالجبهة الوطنية القومية التقدمية ، اسم طويل جدا ، وكأنه مركبة طويلة او تنكر مخصص لنقل النفط الاسود ، وبخيرات الجبهة أم الاسم الطويل ، لعب الحزب الحليف ، شاطي باطي بالشيوعيين ، بالاعتقال والتهديد والتشريد ، والإجبار على توقيع تعهد بعدم الانتماء الى اي حزب ، وعلى الرغم من كل هذه الممارسات ، كان هناك من يعتقد بان "الحزب الحليف" يمكن ان يراجع مواقفه ، ويتخلى عن حملته ، لان النظام وقتذاك كان يرتبط بعلاقة ستراتيجية مع الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية ، فضلا عن دعمه حركات التحرر في العالم وخاصة في افريقيا وجنوب شرقي اسيا ، وهلا برجال الجوبي ، ويامحلا النصر بعون الله .
ابو زيد استشرف الخطر ، على الرغم من انه لم يكن شيوعيا وشد الرحال الى العاصمة ، وترك الجزء الكبير من ذكرياته في مدينته التي شهدت طفولته وشبابه ، ومنها انه كان يحرص على حمل السلاح الشخصي ، واستخدامه في الوقت المناسب ضد اي شخص بغض النظر عن موقعه الاجتماعي ومنصبه الحكومي ، والمعروف عنه انه يجيد التصويب عن بعد ، ودائما ما يصيب الهدف وسط إعجاب أقرانه ، والسلاح كان " كزوة مصيادة " والذخيرة "الحصو المدعبل " وفي احد الايام وعندما كان حاكم اللواء اي القاضي يسير في السوق ، ارتفعت حمى مشاكسة حامل المصيادة ، واخبر من كان معه بانه سيجعل سدارة الحاكم تطير بالهواء ، وبتسديدة المحترف ، طارت السدارة ، فرصدت انظار الشرطة الفاعل ، وبعملية التفاف سريعة تم القبض على الفاعل مع سلاحه ، ووضع في التوقيف ، وبعد اكثر من ساعة وبتدخل الأب بوصفه احد وجهاء المدينة خرج شاكر من التوقيف وبقرار من الحاكم بعد تعهد الأب بان ابنه سيتخلى عن السلاح ، ولن يحمل المصيادة بعد الان.
الرجل عندما يتذكر حادث سدارة الحاكم يبدي اسفه الشديد على فعلته ، لان الحاكم كان رجلا معروفا بعدالته ، ومهنيته ، وبفضله جعل الجميع يحترمون القانون ، وفي وقته شهدت المدينة وقراها استقراراً امنياً ، ومن فضائل الحاكم انه كان يقوم بجولات ميدانية في اسواق واحياء الناصرية ليتعرف عن كثب على أوضاعها ، وينقل مشاهداته الى أصحاب القرار ، لاتخاذ إجراء معين يخدم أبناء المدينة .
الحاكم ابو سدارة غادر الحياة منذ سنوات ، تاركا الأثر الطيب بين ابناء الناصرية ، وحادث "المصيادة" منحه المزيد من التقدير والاحترام ، لأنه لم يستغل صلاحياته لينتقم ، فتعامل مع صاحب المصيادة بروح أبوية تربوية ، وشاكر بعد ذلك لم يستخدم هذا السلاح في نشاطه السياسي ، لأنه كان يعلم ان مصير البلاد بعد رحيل الحاكم أبو سدارة سيكون بيد أصحاب الجراويات والعمائم والعكل ، وليس فيهم من يمتلك مواصفات رجل الدولة .
سدارة الحاكم
[post-views]
نشر في: 15 يوليو, 2013: 10:01 م