TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سدارة الحاكم

سدارة الحاكم

نشر في: 15 يوليو, 2013: 10:01 م

شاكر أبو زيد ترك مدينته الناصرية   نهاية عقد السبعينات من القرن الماضي ، متوجها الى العاصمة بغداد ،  ليتخلص من ملاحقة رجال الأمن المكلفين بتنفيذ حملة ، تستهدف الشيوعيين  بعد خراب ما  كان يعرف بالجبهة الوطنية القومية التقدمية ، اسم طويل جدا ،  وكأنه مركبة طويلة او تنكر مخصص  لنقل النفط الاسود ، وبخيرات الجبهة  أم الاسم الطويل  ، لعب الحزب الحليف ، شاطي باطي بالشيوعيين  ،  بالاعتقال والتهديد والتشريد ، والإجبار على  توقيع تعهد بعدم الانتماء الى اي حزب ،  وعلى الرغم من كل هذه الممارسات ، كان هناك من يعتقد بان "الحزب الحليف" يمكن ان يراجع مواقفه ، ويتخلى عن حملته ، لان النظام وقتذاك كان يرتبط بعلاقة ستراتيجية مع الاتحاد السوفيتي  والمنظومة الاشتراكية ، فضلا عن دعمه حركات التحرر في العالم وخاصة في افريقيا وجنوب شرقي اسيا  ، وهلا برجال الجوبي  ، ويامحلا النصر بعون الله .
ابو زيد استشرف الخطر ، على الرغم من انه لم يكن شيوعيا  وشد الرحال الى العاصمة ، وترك  الجزء الكبير من  ذكرياته في مدينته التي شهدت طفولته وشبابه ، ومنها انه كان يحرص على حمل السلاح  الشخصي ، واستخدامه في الوقت المناسب  ضد اي شخص بغض النظر عن موقعه الاجتماعي ومنصبه الحكومي ، والمعروف عنه انه يجيد التصويب عن بعد ،  ودائما ما يصيب الهدف وسط إعجاب  أقرانه ، والسلاح  كان " كزوة مصيادة " والذخيرة "الحصو المدعبل " وفي احد الايام وعندما كان حاكم اللواء اي القاضي  يسير في السوق ، ارتفعت  حمى مشاكسة حامل  المصيادة ،  واخبر من كان معه بانه  سيجعل سدارة الحاكم تطير بالهواء ،  وبتسديدة المحترف ، طارت السدارة ،   فرصدت انظار الشرطة الفاعل ، وبعملية التفاف سريعة  تم القبض على الفاعل  مع سلاحه ، ووضع في التوقيف ،  وبعد اكثر من ساعة وبتدخل الأب بوصفه احد وجهاء المدينة خرج شاكر من التوقيف  وبقرار من الحاكم  بعد تعهد الأب بان ابنه سيتخلى عن السلاح ، ولن يحمل المصيادة  بعد الان.
الرجل عندما يتذكر حادث سدارة الحاكم يبدي اسفه الشديد على فعلته ، لان الحاكم كان رجلا معروفا بعدالته ، ومهنيته ، وبفضله جعل الجميع يحترمون القانون ، وفي وقته شهدت المدينة وقراها  استقراراً امنياً ، ومن فضائل الحاكم انه كان يقوم بجولات ميدانية في اسواق واحياء الناصرية ليتعرف عن كثب على أوضاعها ، وينقل مشاهداته الى أصحاب  القرار ، لاتخاذ إجراء  معين يخدم  أبناء المدينة .
الحاكم ابو سدارة غادر الحياة منذ سنوات ،  تاركا الأثر الطيب بين ابناء الناصرية ، وحادث "المصيادة" منحه المزيد من التقدير  والاحترام ، لأنه لم يستغل  صلاحياته لينتقم ، فتعامل مع   صاحب المصيادة بروح أبوية تربوية ، وشاكر بعد ذلك لم يستخدم هذا السلاح في نشاطه السياسي ، لأنه  كان يعلم ان مصير البلاد بعد رحيل الحاكم أبو سدارة   سيكون بيد أصحاب الجراويات والعمائم  والعكل ، وليس فيهم من يمتلك مواصفات رجل الدولة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram