الإسكندرية مدينة شهدت أياما افضل، انها مثل بغداد والدار البيضاء، وماضيها يعبق بقصص الحب والمغامرات، مما يجعل حاضرها على نقيض الماضي، فالمدينة التي أنشأها الإسكندر الكبير على الشواطئ المصرية، كانت في ايامها، اكبر مدينة في العالم، وحتى الرومانيون اعترف
الإسكندرية مدينة شهدت أياما افضل، انها مثل بغداد والدار البيضاء، وماضيها يعبق بقصص الحب والمغامرات، مما يجعل حاضرها على نقيض الماضي، فالمدينة التي أنشأها الإسكندر الكبير على الشواطئ المصرية، كانت في ايامها، اكبر مدينة في العالم، وحتى الرومانيون اعترفوا بتلك الحقيقة.
وقيل ان شيشيروا قال: (حلمت طويلاً برؤية الإسكندرية، ومع ذلك فان اثار المدينة القديمة وعجائبها لم تقاوم الزمن ولم يبق لها اثرا تقريباً ومن فنارها القديم. (اعلى بناء اقيم من قبل الاغريق، مكتبتها الضخمة، حيث كان يقال ان صنوف المعرفة والعلم تجتمع تحت سقف واحد، اضافة الى قصورها ومعابدها، لقد اختفى كل شيء ولم يبق له اثر، ما عدا عمود متواضع من الحجر، يدل على حقيقة وجود تلك المدينة الكلاسيكية في هذه البقعة التي تحولت الى طرق مزدحمة ومبان من الكونكريت.
ويتحدث الباحث بيتر ستوثارد، في بحثه، (الليالي الأخيرة لكليوباترا)، ان اشباح الاسكندرية لم تختف نهائياً، ولا يمكن للاحلام المتعلقة بمدينة شهيرة ان تخمد، وبالنسبة للجيل الاقدم من الكتاب، فان خليط الشعر والقوة والرغبة التي رافقت المدينة القديمة، قد شجعت وجود نوع من الشعور المرهف.
وهكذا كتب كفافي، الشاعر البارز في القرن العشرين: (أنت تدرك مدى تهوّر الحياة/ وأي حرارة فيها/ وأي سعادة متسامية).
واليوم، غدا كفافي نفسه شبحاً، ويقول ستوثار في كتابه- الاسكندرية: (إنني لا أبحث عن ارواح الشعراء الموتى الذين غادروا الحياة، ان الحنين المتنامي هو لعنة اسكندرانية).
ويبدو ان هذا الكتاب يدل على حنين متلازم، وليس فيه شيء هادئ، وصور حصيلة أربعة اسابيع امضاها، ستوثارد- المسؤول عن تحرير التايمز- في الاسكندرية، شتاء عام 2010-11.
وكانت مصر، في بداية (الربيع العربي) كانت ملتقى الانظار تجذب انظار الصحفيين، ولكن ستوثارد، ابتعد عن تلك الفكرة التي تصلح للصحفيين، وآثر الانتقال الى الاسكندرية، بعيداً عن ثلوج لندن، ولو كان قد خيّر فانه كان سيختار جنوب افريقيا، وبالرغم من ذلك فانه يعترف في نهاية كتابه، الاحساب العميق بالندم لتركه مصر في تلك الايام التي أدت الى اقصاء حسني مبارك وهو اليوم غير نادم على ذلك، لأن الربيع العربي لم يكن الا رطوبة في الجو، من ذلك النوع الذي يسبق العواصف الرعدية، ويقول، (بدأت أتتبع موضوعاً آخراً، وأكملته).
ولكن قصة من؟ ويشرح الامر بقوله، انه تخلى عن سبعة كتب عن كليوباترا-الاول كتبه وهو في العاشرة من عمره، ويصوّر الملكة، كمرافقة لبروفسور يسافر عبر الزمن. وهو في الـ60 من عمره، وجد نفسه وحيداً في الاسكندرية، وبدأ في تحديث معلوماته عن اشهر من حكمت المدينة، وقد نجح في ذلك، متتبعاً عن كافة الأدلة على ما يكتب، محاولاً التسلل الى الحقيقة عبر الضباب المعادي الذي يحيط بهذه الشخصية التاريخية.
وتتلألأ كليوباترا من خلال الأحداث أو تختفي احياناً، اما الشخصيات الاخرى الثانوية، فقد وضعت ايضاً في الضوء ومنها: كيونتوس ديلليوس، حارس كليوناترا خلال رحلتها من مصر لتقابل مارك انطوني في طرطوس، والكتب السبعة التي كتبها عن كليوباترا، موزعة على خيط حياته.
ويقول عن هذا الكتاب: (لقد تحول الى كتاب عني، ولم انوي على هذا الأمر، ولكنه يشكو كثيراً، اذ ان الكتاب يقع ما بين الحدود الفاصلة ما بين السرد والموضع).
لقد كتب كفافي، (قل وداعك الأخير لها، لتلك الإسكندرية التي تفقدها الآن، الله يغفر لانطوني).