TOP

جريدة المدى > عام > الفن وحياة الحيوان.. في حوار مع الناقد الفني ستيف بيكر

الفن وحياة الحيوان.. في حوار مع الناقد الفني ستيف بيكر

نشر في: 16 يوليو, 2013: 10:01 م

" يبدو أنه لا يزال هناك توقعٌ بأن الفن سيوفر العزاء ــ العزاء بأن الأشياء الفظيعة تحدث بعيداً فقط، أو بأن الفنانين يشجبون بشكل صريح مثل تلك الأشياء. " و ما يلي ذلك هذا الحوار مع الكاتب و الناقد الفني الأميركي ستيف بيكر Steve Baker الذي صدر له مؤخراً

" يبدو أنه لا يزال هناك توقعٌ بأن الفن سيوفر العزاء ــ العزاء بأن الأشياء الفظيعة تحدث بعيداً فقط، أو بأن الفنانين يشجبون بشكل صريح مثل تلك الأشياء. " و ما يلي ذلك هذا الحوار مع الكاتب و الناقد الفني الأميركي ستيف بيكر Steve Baker الذي صدر له مؤخراً كتاب بعنوان ( الفنان / الحيوان ). و بيكر بروفيسور فخري في تاريخ الفن بجامعة لانكشير الوسطى، و مؤلف عدة كتب عن الحيوان، مثل الحيوان ما بعد الحديث، و تصوير الوحش، و قتل الحيوانات، إضافةً لكتابه الآنف الذكر. و يُعد بيكر أفضل دارس يتصدى لتقديم رؤية إدراكية ابتكارية للكيفية التي يفكر بها الفنانون بشأن الحيوانات و يعملون معها، وفقاً لرأي الفنان مارك دايون.
* قبل كل شيء، لماذا من المهم بالنسبة لنا أن نقوم بتحليل دور الحيوانات و تمثيلاتها في تاريخ الفن؟
- في شباط 2013 افتتح معرض يدعى " فن العصر الجليدي : وصول العقل الحديث " في المتحف البريطاني بلندن. و هو يعرض مصنوعات يدوية عُملت بين 10000 و 40000 سنة مضت، و تبيّن البيانات أن غالبية المواد و الصور تصور حيوانات ــ خيول، ثور البيزون، غزال الرنّة، الماموث، و غيرها. و إذا ما اعتُبر أن صور الحيوانات الحقيقية و المخلوقات الهجينة المبتدعة تمتلك مثل هذا البروز في انبثاق الخيال الحديث، فليس من المدهش إلا بالكاد أن يكون الفنانون المعاصرون لا يزالون مفتونين بالقوة الثقافية للتخيل الحيواني، و قدرته الكامنة على الإدهاش و التململ.
* هل يمكن أن تقول لنا بإيجاز الموضوعات الأساسية التي تضمنها كتابك ( الفنان / الحيوان )؟
- يقدم الكتاب أعمالاً فنية من العقد الأول من القرن الحادي و العشرين لمجموعة مختارة من الفنانين المعاصرين من أميركا، و أوروبا، و أستراليا الذين يرتبطون مباشرةً بمسائل الحياة الحيوانية ــ الفنانين الذين ينصبّ اهتمامهم على الطبيعة و نوعية حياة الحيوان الفعلية. و يتعامل فنهم في معظمه مع الحيوانات كمخلوقات تشاطر البشر بفعالية العالم الأكثر من بشري، و ليس كمجرد رموز أو كنايات لسمات ما يدعى بالوضع الإنساني. و تعتمد أغلب فصول الكتاب على مقابلات مع الفنانين لغرض تقديم شهادة على الكيفية التي يقدم بها الفن المعاصر مساهمة حيوية و متميزة لفهم ثقافي أوسع لحياة الحيوان. و الكثير من الناس كما يبدو ينظرون إلى فن الحيوان المعاصر بقدر كبير من عدم الثقة. و كان هدفي توضيح الصلة الضرورية بين الإبداعية و الثقة في كلٍ من تكوين هذه الأعمال الفنية و فهمها.
* يعتقد كثيرون بأن الفن و الأخلاق لا يربط بينهما شيء. و أنا شخصياً لا أفكر على هذا النحو. و يبدو أنك في كتابك الأخير ( الفنان / الحيوان ) تتفق معي، بإشارتك إلى أن الأخلاق و الفن لا ينفصلان. فأية علاقات متبادلة بين الأخلاق الحيوانية و تمثيلات الطبيعة الحيوانية في الفن؟
- تزعجني الطريقة التي تُستخدم بها على نحوٍ واسع جداً " الأخلاق " كتعبير تحريمي و قراري judgmental. فأنا حين أجري مقابلة مع الفنانين، لا أسألهم بشكل مباشر أبداً عن مواقفهم " الأخلاقية "، بصرف النظر عما يمكن أن يكون عليه عملهم الفني من إثارة للخلاف أو الجدل. و ما أحاول القيام به بدلاً من ذلك هو أن أستمد المعلومات بشأن ما سأقوم بوصفه، كسلامة ممارستهم الفنية، التي تتعلق بطرق عملهم و مقاربتهم للمواد، إضافةً لموضوع الحيوان في عملهم الفني. بذلك المعنى أنا متعاطف بشكل واسع مع مقاربة آيريس مردوخ التي تبين أن الفن و الأخلاق وجهان لكفاح واحد، و أحب ملاحظتها بأن " المواقع الجمالية ليست كثيراً بالأشياء المناظرة للأخلاق كحالات لها. فالفضيلة ... لدى الفنان ... انتباه غير أناني للطبيعة. " و أنت تسأل أية علاقات متبادلة هناك بين أخلاق الحيوان و تمثيلات الحيوان في الفن. أنا لا أعتقد بأن هناك أية علاقات متبادلة مثبتة أو ضرورية من هذا النوع. و قد تحدث العديد من الفنانين الذين قابلتهم عن الحاجة لإعادة التفكير في خبرتهم و توقعاتهم في كل مواجهة جديدة مع حيوان حي ( أو حتى ميّت ). و يبدو لي ذلك بالضبط نوع " الانتباه للطبيعة " الذي خطر في ذهن مردوخ.
* ماذا يحدث حين يلتقي فنانون و حيوانات في عالم الفن المعاصر؟ و مثلاً، ما هي برأيك الحدود التي " يُستخدم " ضمنها الحيوان من قِبل الفنان ؟
- سؤالك الأول هو موضوع الكتاب كله. لكن الإجابة على سؤالك الثاني أنه ليس هناك حدود لما يمكن أن يعمله الفنان للحيوان، سواء من خلال انعدام التفكير، أو، بصورة عرَضية، من خلال القسوة. و من ناحية أين يختار أن يضع الفنانون حدودهم، هناك بعض الحالات المعقدة بشكل حقيقي بشأن أين يعمل الفنان على نحوٍ واضح بجدية، و إدراك، و حس بالوَحدة. و كانت مقاربتي عموماً أن أُبلغ مفصّلاً عن هذه الأعمال و عن بيان الفنان حولها، و أن أترك قرائي يستمدون استنتاجاتهم الخاصة. فليس هناك من حد " صحيح " وحيد. و هناك حتى بين الفنانين الذين يتشاطرون التزاماً مباشراً بحقوق الحيوان، وجهات نظر مختلفة بشأن، مثلاً، ما إذا كان تضمين الأجسام الحيوانية أو المواد الحيوانية في عملٍ فني ينبغي أن يعتبر غير محترم إجمالاً أو أنه الأساس الفعلي لقوة العمل المقنعة.
* سؤال أخير. هل يمكن للفن، بالوظيفة و الثوابت التي تصفها، أن يسهم في إنقاذ " الحيوانات " ، و ذلك بمساعدة البشر على التفكير بـ " حيوانيتهم " الخاصة أيضاً؟
- إذا استطاع الفنانون، كما أشرت سابقاً، أن يقدموا طرقاً متميزة و غير متوقعة لتصوير علاقة البشر و الحيوانات الأخرى، فإن ذلك سيسهم بالتأكيد بطريقته المتواضعة في تحديات ثقافية أوسع لقضية أن الإنسان هو غاية الكون القصوى. لكن هذا سيكون عملية بطيئة، طويلة. و تأثيرات الفن ليست قابلة للتخمين بسهولة. غير أن الأعمال الفنية المعاصرة التي تتحرك في هذا الاتجاه ليست تماماً نفس " الصور الستراتيجية من أجل حقوق الحيوان " التي استكشفتُها قبل عشرين عاماً في الفصل الأخير من كتابي الأول ( تصوير الوحش ). إن الفن المعاصر في هذا المجال منشغل بلعبة أكثر بطئاً و ربما أصعب. و أحد الأمور الأكثر فتنة التي قد تنبثق من مقابلاتي مع الفنانين هو الاعتراف المشترك بأهمية عدم معرفتهم تماماً بما كانوا يقومون به في مرحلةٍ ما حرجة من إنتاج عملهم الفني. كان هناك حيّز حيوي للارتباك، و الفوضى، و الغموض و " عدم المعرفة " في انشغالهم الهادف بالحياة غير البشرية. و يبرز هذا في المقارنة اللافتة للانتباه بوجهة النظر التي أبداها مؤخراً أحد الفلاسفة و القائلة بأن من مسؤولية الفلسفة أن تقدّم رؤية " ثابتة " و " متماسكة " لقضايا الحيوان. فوفقاً لفوكو أن ما يقدمه هؤلاء الفنانون بدلاً من هذا هو صور، و خبرات، و بنى structures " ندرك فيها أنفسنا و نفقدها معاً. " و عودةً إلى سؤالك، نعم، أعتقد بأن أعمال الفن يمكنها المساهمة في إدراك استمراريات و شمولية الحياة الحيوانية. لكن ليس هناك ما يضمن أن مثل هذا الإدراك سيؤدي إلى أية طريقة مباشرة لمعاملة مختلفة أو أفضل للحيوانات غير البشرية. و في أحسن أحواله، فإن ما يقدمه الفن بالفعل هو الرفض العنيد لأن يكون لامبالياً تجاه الحيوانات و مكانها في الحياة المعاصرة.
 عن/ minnesota

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

القصة الكاملة لـ"العفو العام" من تعريف الإرهابي إلى "تبييض السجون"

الأزمة المالية في كردستان تؤدي إلى تراجع النشاطات الثقافية والفنية

شركات نفط تباشر بالمرحلة الثانية من مشروع تطوير حقل غرب القرنة

سيرك جواد الأسدي تطرح قضايا ساخنة في مسقط

العمود الثامن: بين الخالد والشهرستاني

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: الدرّ النقيّ في الفنّ الموسيقي

في مديح الكُتب المملة

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

بيت القصب

مقالات ذات صلة

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة
عام

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

حاوره علاء المفرجيهاتف جنابي؛ شاعر وكاتب ومترجم للأدب البولندي إلى العربية والعربية إلى البولندية. نشأ وتعلّم في مدارس العراق، وفي سنة 1976 توجّه نحو بولندا، لإكمال دراسته، ومن ثمّ للعيش فيها. منذ ذلك التاريخ،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram