علي القيسي مازالت أبنية الاسواق المركزية اطلالا ً، خربة تندب حظها العاثر. اذ طوال السنوات الـست الماضية نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً، فبين آونة واخرى تنقل وسائل الاعلام تصريحات واحاديث لمسؤولين تدور معظمها بشأن انقاذ وتأهيل هذه الابنية العملاقة،
 التي اصاب نشاطها الركود في التسعينيات، بسبب الحصار وتداعياته لينحصر عملها في خدمات بسيطة لاتتناسب وقدرتها، حتى اخرجت احداث 2003 هذا المرفق الاقتصادي الحيوي من الخدمة نهائياًً، لتتحول هذه البنايات الجميلة الى هياكل كونكريتية شاخصة تستدر عطف الناس وحزنهم . لا احسب ان وزارة التجارة وهي في غمرة مشكلاتها، قادرة وحدها على اعادة اعمار هذه الابنية الموزعة على مناطق متعددة من العاصمة بغداد. وهي - اي الوزارة- لاتريد ان تفرط بها، وكأنها ملك لوحدها فقط وليس للدولة، التي هي بالتالي ملك للناس الذين ملّوا التصريحات غير المجدية، اذ يمكن لوزارات ودوائر اخرى، الاستفادة من هذه المرافق الحكومية بشكل يخدم الدولة والمجتمع معاًً، فلِم تتعنت وزارة التجارة بما لا طاقة لها به وتحرم الاخرين حق الاستفادة؟ مثل هذه الاسئلة تراود كثير من الناس كلما مروا بهذه الممتلكات-الاطلال-. اعتقد لو ان وزارة التجارة فتحت الباب امام الافكار والمشاريع التي تصب في خدمة وتطوير هذه الابنية، لَتوفر لديها عدد كبير من المقترحات الخصبة والجادة الهادفة الى تطويرهذه الابنية. ان اهمال هذه الاسواق وتركها على ما هي عليه اليوم، تدفع ثمنه الباهظ الوزارة اولا مثلما هي خسارة لشريان اقتصادي حيوي يصب بالتالي في خدمة البلد. لا بد هنا من التذكير، بما اجادت به امانة بغداد وافادت، حين طرحت بعض املاكها للاستثمار، لتضرب بذلك اكثر من عصفور بحجر واحد ويأتي في مقدمة ذلك استيعاب الايدي العاملة، التي تعاني البطالة فضلا عما ستوفره للدولة والمواطن من مردودات مختلفة. ولو امعنا النظر جيدا في موضوع الاسواق لوجدناها تصلح لان تكون "مولات" حديثة تضاهي تلك التي انشأت في عدد من دول المنطقة. وهذا لا يتحقق إلا عن طريق المستثمرين الجادين المجربين. فقط لو روجت الوزارة لممتلكاتها التي تعاني الاهمال والنكوص!!