TOP

جريدة المدى > تقارير المدى > الأهوار.. مصدر جذب دائم للرحالة الغربيين

الأهوار.. مصدر جذب دائم للرحالة الغربيين

نشر في: 3 نوفمبر, 2009: 05:51 م

الناصرية/ وكالاتفي جنوب العراق توجد مسطحات مائية شاسعة فيها جزر صغيرة عائمة، وبيوت ذهبية من القصب يسكنها أناس ورثوا الحضارة السومرية، فاحتفظوا بملامح وجوههم وطرق حياتهم، ومدن الماء التي تشكلت بوجود تلك الطبيعة مثلت عالما ساحرا لا يتوافر بهذه السعة في أي مكان في العالم فمساحة الأهوار حوالي 11500 كيلو متر مربع من الأراضي المغمورة بالماء بشكل غير دائم،
 و20 ألف كيلو متر مربع مغمورة بشكل دائم. وكان العرب يسمون الأهوار البطائح، وقد ذكرت كتب اللغة والمعاجم أنها سميت بطائح لتبطح الماء فيها أي سيلانه، كما ورد أنها كانت مناطق واسعة بين واسط والبصرة، وكانت قرى متصلة، ذكرها اليعقوبي في كتاب البلدان فقال: «إن يوم البطحاء من أيام العرب المعروفة في الجاهلية منسوب إلى بطحاء ذي قار» أي أهوار الناصرية حيث وقعت الحرب بين كسرى وقبائل بكر بن وائل. وجذبت الأهوار بطبيعتها الساحرة الرحالة الغربيين، فألفوا كتبا عنها، منها كتاب «حلقات المياه الرائعة» لكيفن ماكسويل، و»العودة إلى الأهوار» لكيفن يونج، و»عرب الأهوار» لويلفرد ثيسيجر، ولكن أكثر العلماء اهتماما بالاهوار وحضارتها القديمة هو عالم الآثار والمستكشف النرويجي ثور هايردال صاحب كتاب «حملة دجلة.. في البحث عن البداية» الذي باشر مشروعه في معرفة طرق وصول أبناء حضارة الرافدين القديمة إلى العالم. وأجرى هايردال تجربة صناعة القارب السومري القديم، وقام بإنشاء القارب من البردي المقطوع من وسط الهور مهد تلك الحضارة ولم يتخذ وسائل حديثة في تلك الصناعة، لكن شيخا من أبناء الهور ساعده في انتقاء أفضل أنواع البردي وهو الذي يقطع من شهر آب وبعد إتمام العملية أبحر بالقارب الذي اسماه «دجلة» من نهر دجلة إلى شط العرب ثم الخليج العربي وصولا إلى خليج عمان ثم الباكستان وبعدها عاد عن طريق بحر العرب إلى خليج عدن، لكن الوجود العسكري في المنطقة منع القارب السومري من إتمام رحلته التي أثبتت قدرة أبناء الأهوار على التواصل الحضاري مع العالم. وقد اعترض هايردال على منع القارب من مواصلة رحلته فوجه رسالة إلى السكرتير العام للأمم المتحدة ذكر فيها تلك الرحلة، فقال: «لقد أثبتنا أن السكان القدماء لوادي الرافدين والهند ومصر كانوا قد بنوا حضاراتهم الممعنة في القدم بالاستفادة من الاتصالات المشتركة عن طريق المراكب البدائية المتاحة قبل خمسة آلاف عام». وقد كان هايردال يرى أن الحضارات القديمة كانت أكثر رقيا من عالم اليوم القائم على القتل والتدمير، وتحدث عن أبناء الأهوار في جنوب العراق بشكل مميز في كتابه «حملة دجلة في البحث عن البداية» فقال: «لقد عشت مع أناس بدائيين في بولونيزيا وامريكا وأفريقيا، ولكن عرب الأهوار ليسوا بدائيين بأي صورة من الصور، أنهم متحضرون ولكن بطريقة تختلف عنا، ليس لديهم تكنولوجيا التحكم عن بعد، لكنهم اختاروا اقصر طرق المتعة من مصادرها مباشرة، وقد أثبتت حضاراتهم أنها قابلة للحياة والاستمرار، فيما انهارت الحضارات الآشورية واليونانية والفارسية بعدما وصلت قمة ازدهارها». وكان هايردال ناقما جدا من التوتر العسكري الذي يقتل الحضارات، فأحرق قارب دجلة مقابل شواطئ جيبوتي احتجاجا على منعه من إكمال رحلته بسبب الحروب التي تعرض حياة البشرية لخطر الفناء. وفي أهوار ميسان كانت زراعة الشلب «الأرز» تشكل مصدرا غذائيا مهما فقد كانت الوجبة الأساسية لهم هي السمك مع الأرز العنبر أو «الطابك» الذي يشوى على شكل قالب من خبز الأرز لكن اغلب هذه العادات قد اندثرت عقب تجفيف النظام المباد للمسطحات المائية في جنوب العراق، فضلا عن شحة المياه الداخلة الى العراق عقب حرب عام 2003. ونقل موقع «ايلاف» عن تقارير للأمم المتحدة ان هناك كوارث بيئية في تلك المنطقة بسبب التغير الديموغرافي فيها، وقد جفف حوالي 20 ألف كيلو متر مربع من تلك الأهوار. وتم بناء السدود على جانبي الأنهار الرئيسية التي تغذي الأهوار. ففي مدينة العمارة بنيت سدود على مجموعة من الأنهار هي نهر الوداية والعدل والكفاح والشرمخية ومسبح وهدام وأم جدى وأنجزت تلك العملية عام 1992 ونتج عنها قطع المياه عن عشرات الروافد والجداول ما ضاعف من شح المياه وانقطاعها عن المساحات الشاسعة التي تقع بعد مدن الميمونة والسلام والعدل والمجر الكبير. كما تم تحويل مجرى الفرات من موقع الفضلية شرق الناصرية إلى مجرى المصب العام بشكل يسحب مياه هور الحمار ويجففه، وقد كانت نتيجة تلك العملية أن تغير المجرى الطبيعي لنهر الفرات بين الناصرية والبصرة. كذلك تمت تجزئة الأهوار بعدد من سدود ليسهل تجفيفها، إضافة إلى عمليات أخرى جعلت من تلك البيئة الجميلة أرضا قاحلة، ونزح عدد من سكان الأهوار إلى إيران أو خرجوا من أراضيهم بحثا عن مصادر الرزق بعدما انقطعت عنهم مصادر المياه الضرورية للزراعة وتربية الحيوانات التي تعتمد على وفرة المياه، وقد شحت بعض أنواع المنتجات الزراعية ومنها الأرز العنبر العراقي الذي لا يزرع في بلدان أخرى. اليوم يتساءل الكثيرون، هل انطوت

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

التغير المناخي في العراق يعيق عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.. متى تنتهي المعاناة؟

التغير المناخي في العراق يعيق عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.. متى تنتهي المعاناة؟

متابعة/المدىرأت منظمة "كير" الدولية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، إن التغير المناخي في العراق أصبح عائقاً أمام عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.وبحسب دراسة أجرتها منظمة كير الدولية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، فبعد ان كانت المعارك والاوضاع الأمنية في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram