 أربيل/ عمر محمود عبداللهليل أربيل هو نهارها حقيقة عبارة تسمعها من أفواه الكثيرين وتلمسها بنفسك اذا ما تجولت ليلة واحدة في أرجاء المدينة التي يسهر فيها الناس حتى الفجر ليعيشوا الأجواء الرمضانية الحقيقية التي تفتقر لها الكثير من المحافظات العراقية.وا

 أربيل/ عمر محمود عبدالله

ليل أربيل هو نهارها حقيقة عبارة تسمعها من أفواه الكثيرين وتلمسها بنفسك اذا ما تجولت ليلة واحدة في أرجاء المدينة التي يسهر فيها الناس حتى الفجر ليعيشوا الأجواء الرمضانية الحقيقية التي تفتقر لها الكثير من المحافظات العراقية.
والبداية الحقيقية لليوم الرمضاني في أربيل تكون بعد صلاة العشاء والتراويح حيث تفتح الأسواق وينتشر الناس في كل مكان وتزدحم الحدائق العامة والمولات والشوارع في عملية عكسية لما كانت عليه في الصباح وتزدهر مبيعات المطاعم والمقاهي على وجه الخصوص ويكتظ شارع الإسكان الذي ترى فيه اكبر تجمع شبابي في أربيل إضافة إلى الحدائق المشهورة، مثل شاندر وسامي عبدالرحمن ومنارة وكذلك الحال في المولات ومدينة الألعاب، فالجميع يستشعر حلاوة أيام وليالي رمضان.
وتغدو حركة السيارات صعبة للغاية في شارع الإسكان الذي يضم أكبر مجموعة مطاعم ومقاهٍ في أربيل وتستمع هنا إلى عشرات اللغات واللهجات المختلفة من الكردية بأنواعها والعربية بلهجاتها والتركية الفارسية والإنكليزية وغيرها من اللغات ولكن القاسم المشترك بين أصحاب المطاعم والمقاهي وعمالهم هي إجادتهم للعديد من اللغات ويشكل الزبائن خليطاً لن تجده إلا في أربيل سواء على مستوى الجنسيات المختلفة أو أماكن العراق المتعددة.
ويصاب الذي يسهر في الإسكان بالحيرة حين يريد اختيار طعام العشاء أو السحور حيث لا يمكنك تخيل أكلة عراقية ليس لها وجود في هذا الشارع فالنيران مشتعلة على الدوام والقدور تغلي والعمال على أهبة الاستعداد لتلبية طلبك سواء كان من سمك مشوي أو مطبوخ بطريقة الجنوب أو أكلة دليمية تنتمي لغرب العراق أو دولمة من كركوك أو قلية من الموصل مروراً بكباب ولبن أربيل وأنواع من المشاوي والمعجنات التي ليس لها عد أو حصر ولن تكفيك أيام بلياليها من اجل تجربة كل الأصناف، وهناك بالطبع الأكلات الغربية،في حين تنتشر على طول الشارع عربات متخصصة ومنها عربة الكبة المعمولة منزلياً وباللحوم المحلية وعربات متخصصة بجميع أنواع المرطبات والفواكه الموسمية وفي مقدمتها الرقي والبطيخ وتجد عربات متخصصة ببعض الأكلات التركية في حين تعد عربات حب عباد الشمس هي الأكثر ويقوم أصحابها بتحميص الحب على مدار الساعة لتلبية الطلب المرتفع على هذه المادة.
وفي مقهى أم كلثوم المتخصص بإذاعة أغاني كوكب الشرق تجد كل مناطق العراق،فهنا شاب من البصرة يعمل في سوق شيخ الله بأربيل يجالس آخر من العمارة مازال يبحث عن عمل وإلى جانبهم شباب من بغداد يدرسون في جامعة أهلية بأربيل،وهنا رجل وصديقه من الأنبار يقومان بزيارة علاجية ومجموعة شباب من الموصل يعملون في مشاريع البناء وكذلك تجد شابا عراقيا يحمل الجنسية البلجيكية وحضر هنا من اجل اللقاء بأصدقاء جاؤوا خصيصاً من بغداد والحلة لرؤيته بعد فراق دام لأكثر من خمس سنوات وتسمع منهم قصص الحنين والأخوة وحكايات لا عد لها ولا حصر عن الأحوال والأوضاع.
ولا تقتصر السهرات في مقاهي أربيل على الاحاديث وتدخين الأركيلة ومشاهدة مباريات الدوري العالمي،فهناك لعبة (سني سناني) التراثية الشبيهة بلعبة الفناجين التي تلعب في مدينة الموصل المجاورة، ويتنافس رواد عدد من المقاهي المشهورة في مناطق أربيل القديمة على الفوز بالدوري الذي يقام سنوياً وتدور المنافسة على معرفة مكان الخاتم المخفي تحت واحد من 12 فنجانا نحاسيا مقلوبا على صينية صغيرة. وللعوائل نصيبها من مباهج ليالي رمضان فأينما كنت تسكن في أربيل فانك تلاحظ بشكل يومي الزيارات المتبادلة سواء كانت عائلية أو بين الأصدقاء والجيران ويقوم الرجال باصطحاب أسرهم بعد صلاة التراويح لزيارة جيرانهم أو أقربائهم ولتمضية سهرة جميلة تتخللها أقداح العصائر وصحون الحلويات والكرزات ويتم فيها تبادل الاحاديث الجميلة و استعادة ذكريات أيام زمان.