TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > استعلامات "اسماعيل كامو"

استعلامات "اسماعيل كامو"

نشر في: 21 يوليو, 2013: 10:01 م

لإيمانه العميق جدا بمسرح العبث واللامعقول، وتقمصه شخصيات صومائيل بيكت ويونسكو والبير كامو ، ترك اسماعيل دراسة الفن في العراق ، وقرر السفر الى الخارج ، لاعتقاده بانه قادر على اقتحام الساحة المسرحية في اوروبا ، وتقديم فتوحاته الابداعية فيها ، ليعلم الغرب سحر الشرق ، وحلم السفر لم يتحقق ، لفشله في العثور على كفيل لدائرة التجنيد ، تمهيدا للحصول على جواز السفر نهاية عقد السبعينات من القرن الماضي .
اسماعيل وبعد ترك الدراسة التحق بالخدمة العسكرية ، وظل محتفظا بحلمه في السفر الى الخارج ، ولكن اندلاع الحرب العراقية -الايرانية واستمرارها ثماني سنوات ، احبط احلامه وبدد امنياته ، وخرج منها بلقب " اسماعيل كامو " اطلقه عليه زملاؤه في وحدته العسكرية، لكثرة حديثه عن روايات ومسرحيات الكاتب البير كامو وخاصة اسطورة سيزيف التي يراها اسماعيل بانها تجسد اللاجدوى من الحياة ، ولإيمانه بهذه الفكرة ، شجع منتسبي وحدته على الانتحار ، واثر ذلك استدعاه ضابط استخبارات اللواء ، وحذره من الترويج لافكار تعارض وتنافي مبادىء الحزب القائد ، وللتعبير عن حسن النية ، اهدى ضابط الاستخبارات الجندي اسماعيل مجموعة كتب ومؤلفات ، ليتعرف على حقيقة انبعاث الامة واستعادة مجدها ، وترك "الافكار المستوردة" التي تروج لها الصهيونية واذنابها بهدف اشاعة الاحباط بين الشباب العرب ، لاطفاء جذوة "الثورة اليعربية ".
انتهت الحرب وخرج اسماعيل كامو من الحرب بأزمات نفسية، تقترب في بعض الاحيان من الجنون ، ولفشله في الحصول على بنت الحلال ، وفرصة عمل تضمن له الدخل المناسب ، اضطر للعمل في المسرح التجاري ليقدم المهازل اليومية مقابل اجر يوفر له ربع "المفرد المختوم" ولفة فلافل زمن الحصار المصنوعة من الباقلاء ونخالة الطحين وليس من الحمص.
العمل في المسرح التجاري جعل " اسماعيل كامو" نجما على نطاق ضيق ، بعد ان برزت مواهبه في صناعة النكتة ، والسخرية من شخصيات معروفة ، من مطربين وممثلين وشعراء شعبيين ، ولاعبي كرة قدم ، وفي الجلسات الخاصة ، وتحت الحاح الاصدقاء والمعارف ، وبعد التاكد من التحوطات الامنية يقدم اسماعيل فاصل سخرية من المسؤولين والقياديين الحزبيين عندما يبدأ بتناول الربع الثاني من المفرد المختوم .
بمرور السنوات والاحداث لم يحتفظ اسماعيل بكامل قواه العقلية فجعل حياته اليومية عبارة عن عرض مسرحي تجاري مستمر ، ولاسيما ان المعارف شجعوه على هذا التوجه بمنحه المال مقابل الضحك ، وآخر عرض مسرحي قدمه كان بعنوان "استعلامات يوم القيامة " وتولى بنفسه دور البطل المسؤول عن دخول الاشخاص الى الجنة بتوقيع من حضرته ، وحينما سأله الجمهور عن امكانية دخول رؤساء كتل برلمانية ومسؤولين حاليين وقادة سياسيين الى الجنة ، وقف وسط المسرح وصرخ بأعلى صوته " لم ترد اسماؤهم في سجلات المؤمنين " وينسدل الستار .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram