قبل قرابة شهر من يوم 30/6 كنت أتمشى في شارع جامعة الدول العربية بالقاهرة فاستوقفني شاب وشابة مصريان. عرضا عليّ التوقيع على ورقة لسحب الثقة من الرئيس السابق محمد مرسي فأخبرتهما إنني لست مصريا. اعتذرا مني، لكنهما لم يفوتا الفرصة ليشرحا لي مسعى "تمرد" السلمي نحو التغيير. كان في عينيهما بريق جعلني أحدس من تلك اللحظة بأن حركة "تمرد" ستنجح.
مرت الأيام وجاء يوم 30 / 6 ثم حل يوم عزل مرسي. في الصباح التالي ليوم العزل نهضت مبكرا لأرى شكل الصباح الذي يشهد سقوط طاغية، فوجدته فعلا، كما وصفه شاعر ألماني، من اجمل الصباحات. أصوات مثل زغاريد الحب، كانت تمطر من كل صوب: أحبك يا مصر .. حبيبتي يا مصر .. عظيمة يا مصر.
جاء العصر وخفّت حرارة الجو فخرجنا نتمشى أنا وصاحبي " "المشّاء" أبو يوسف، كما يصفه صديقنا احمد المهنا. وجدتها فرصة للمرور على الحلاق. جلس صاحبي في المقهى بينما كنت تحت موس الحلاق. فجأة وجدت أبو يوسف بجانبي. ها؟ صارت عركة بين الإخوان والثوار. أصوات وطقطقة حجارة تتطاير. خرجت معه لنكتشف حقيقة ما يجري فوجدنا مجموعة من الشباب تطارد جمعا من أنصار مرسي الذين جلهم من الملتحين والمحجبات والمنقبات. الشباب يضربونهم بالحجارة ويهتفون: كفّار .. كفّار. تقدم شاب من "تمرد" كان بين الجالسين بالمقهى رافعا يديه احتجاجا: لا .. لا يصح .. إنهم ليسوا كفارا .. هؤلاء مصريون ومن حقهم ان يعبروا عن تأييدهم أو محبتهم لمن شاءوا. عاتب الجمع المهاجم بلغة ساحرة أرغمتهم على رمي الحجر من أيديهم والرجوع إلى من حيث أتوا. تنفس مناصرو مرسي الصعداء فلم نسمع منهم غير صوت فتاة جميلة تردد بأسى: والله يا زمن! هل تصدقون ان قلبي انكسر عليها؟ اخبرني هذا القلب بأن في هؤلاء البسطاء صادقين يتظاهرون عن قناعة وليس عن طمع مادي كما يتصور بعض المعارضين لتظاهراتهم.
شاءت الصدف ان أجد اغلب الفضائيات، أو كلها، حين تستعرض تظاهرات مصر، تضع لقطة جماعة رابعة العدوية (أنصار مرسي) على اليمين، ومعارضوه في ميدان التحرير على يسار الشاشة. البارحة جلست أمام إحدى تلك الشاشات لأختبر عواطفي تجاه الناس المتظاهرين، وليس الحكومة أو الإخوان، فحلت الأمر إلى قلبي. جاء جوابه كما قال الشاعر كاظم الركابي:
اسألت كلبي .. شرت كلبي
الكيت كلبي .. يودي دمه اعله اليسار وما يودي اعله اليمين
لكن لماذا؟ هل لأن الذين، أو اللواتي، في اليسار أجمل وأن القلب يعشق كل جميل؟ ربما.
القلب يعشق كل جميل
[post-views]
نشر في: 21 يوليو, 2013: 10:01 م