رد فعل السيد رئيس مجلس الوزراء على عمليات إغلاق المقاهي التي حدثت في منطقة الكرادة، يثير الارتياح في النفس، وإصداره أوامر باعتقال المسؤولين عن هذه العمليات، يؤكد الاحاديث التي نقلها بعض السياسيين عن أن دولة القانون بدأت عملية مراجعة جادة لجملة خطواتها في المرحلة السابقة، على هامش نتائج انتخابات مجالس المحافظات. أغلب المراقبين يعتقدون أن رد الفعل هذا واقع في إطار الصراع المستمر بين التيار الصدري ودولة القانون، الأمر الذي يرجح أن يكون مجرد تصريح لن تعقبه أية إجراءات، لكن أليس التصريح بحد ذاته حدث، وله تأثيرات على أرض الواقع؟
إن أي اختلاف على معنى وحدود الحريات المدنية داخل فضاء تيارات الإسلام السياسي هو اختلاف مرحب به، ليس لأنه يؤدي إلى ضعف هذه التيارات، أبداً، بل لأنه يستطيع أن ينقل الجدل حول ملف الحريات من كونه جدلا مفتوحا بين العلمانيين والإسلاميين إلى كونه جدلا مفتوحا بين الإسلاميين أيضاً، وهو أمر من شأنه أن يعيد بلورة المفاهيم المتعلقة بالموضوع داخل فضائهم، خاصّة وأن الذين نتحدث عنهم من الإسلاميين هم من يفترض بهم أن يكونوا رجال دولة، وهؤلاء مسؤولون عن تحقيق انسجام ضروري بين ما يؤمنون به من جهة، وبين ما يفترض بهم ان يراعوه من الخيارات الإيمانية للناس الذين يختلفون عنهم، ويقعون في مساحة مسؤولياتهم.
إن العمق الحقيقي لصراع تيارات الإسلام السياسي العراقية هو الجماهير، فهذه التيارات تسعى لكسب المزيد من أصوات الناخبين، وبالتالي فيجب عليها أن تحسم رؤيتها المتعلقة بمطالب الجماهير المتعلقة بهذه الحريات، وتحدد نتيجة لهذا الحسم طبيعة السكة التي يجب أن تسير عليها. شخصياً أعتقد بأن عليها السعي تجاه إعادة النظر بموقفها من الحريات، بل يجب عليها تطويع جماهيرها المتشددة في سياق هذا السعي. فمحاولات تطويق الحريات بالسياج الديني الإسلامي، لم تنجح لا في السعودية ولا في إيران، على الرغم من أن الظروف في كلا الحالتين مواتية أكثر من ظروف العراق. كما أن تجربة الإخوان المسلمين والتجربة التونسية تثبتان من جهة أخرى بأن الخطوات العاطفية ذات المنطلقات الأيديولوجية/ الدينية، غير قادرة على حسم الصراع لصالح الإسلام السياسي المتشدد.
وبالعودة إلى تصريح رئيس مجلس الوزراء، فإنني ادعو بمزيد من التفاؤل إلى أن تتم ترجمته بخطوات وإجراءات تعيد هيبة القانون وتجعله الحد الفاصل فيما يجوز وما لا يجوز، من أجل أن لا تأتي الإجراءان لصالح جهة على حساب جهة أخرى، ما يبقيناً محبوسين في دوامة لا تنتهي.
تصريح رئيس الوزراء
[post-views]
نشر في: 21 يوليو, 2013: 10:01 م