فشل في إيصال أفكاره البناءة في مجال عمله في تربية الاسماك قبل سقوط النظام وكانت نتيجة إصراره على أسلوبه في ادارة مشاريع الدولة التي كلف بها استنادا على خبرته العلمية ان قضى عاما كاملا في سجون الرئيس السابق ولم تشفع له درجته العلمية او اخلاصه في عمله..لاضير..الرئيس السابق اصبح سابقا والوضع تغير وجاءت وجوه جديدة تعد بالكثير...
وبعد ان خرج من السجن واضطر الى عدم تجاوز الخط الاحمر في التعامل مع مسؤولين لاخبرة لديهم الا في ملء جيوبهم والاستفادة من مشاريع الدولة،سقط النظام فكان من بين الذين هنأوا انفسهم باحتمال وجود فرصة لخدمة بلدهم بكفاءاتهم لذا سارع الى عرض مشروع طالما حلم بتنفيذه على ارض الواقع العراقي ليجلب للعراق الخير الوفير....كانت الارض المناسبة لتنفيذ المشروع هي منطقة الثرثار لملاءمة البحيرة فيها لتربية الاسماك لكن مدير الدائرة اقترح وقتها تنفيذ المشروع في منطقة الاهوار اذ كان ينتمي لحزب يؤمن بضرورة تقسيم العراق الى اقاليم وسيفضل بالتاكيد ان تندلق (مركة الاقليم على زياكه) سواء كانت (المركة) حقول نفط الجنوب او ثروته السمكية..
من جديد اصر الخبيرعلى تنفيذ المشروع في منطقة الثرثار ساخرا في اعماقه من قلة خبرة المسؤولين في الزمن السابق واللاحق فلاهم لديهم الا تحقيق اكبر قدر من الفائدة، ولم تجد محاولاته لعرض فكرته على متخصصين وخبراء في مجاله في وزارتي الزراعة والتخطيط أي صدى اذ كان التاثير الحزبي اقوى من التخصص العلمي وهكذا انسحب بعد مقتل احد زملائه من اصحاب الكفاءات النادرة وتوقع ماسيحصل له فلم يجد في الاصرار فائدة لأنه سيفقد حياته ولن يخدم بلده في الوقت ذاته لذا رحل الى بلد عربي تاركا خلفه طموحات علمية حلم كثيرا بتحويلها الى واقع في بلده، والطريف في الامر ان مشروعه وجد ارضا ملائمة له في البلد العربي وحقق له فائدة عظيمة واصبح للخبير العراقي مكانة خاصة جدا وعقود تتجدد باجور تزداد قيمتها كلما فكر في العودة الى بلده..
اذن، لم يعد العراق يتصدر الدول في الارهاب والفساد الاداري وتتضاعف فيه نسب الفقر والامية والأرامل والايتام والمعاقين بل صار يتقدم الدول في تصدير الكفاءات الى الخارج وبالتالي نثر الخير الذي يمكن ان يعم على العراقيين على اراضي دول اخرى احتضنت اطباء ومهندسين وادباء وفنانين ومدربين رياضيين لم يجدوا لهم مكانا في بلدهم..احدى هذه الكفاءات طبيبة عراقية حازت على درجة عالمية متقدمة واحتضنتها دولة عربية فخصصت لها مستشفى لاجراء ابحاثها وتطبيق افكارها عمليا، وفي لقاء معها سئلت عن سبب حرمانها بلدها من كفاءتها فقالت انها اذا عادت الى العراق لن تجد من يوفر لها ماوفرته لها الدولة العربية وبدلا من انقاذ اكبر عدد من مرضى العراق ربما لن تكلف متخصصا في قتل الكفاءات اكثر من رصاصة تحرمها حق الحياة وتمنع خيرها عن بلدها واي بلد آخر..
ومازال المسؤولون في وزارات ودوائر الدولة وبعد عشر سنوات من (التغيير) يختارون موظفيهم على اساس شروط اخرى لاعلاقة لها بالكفاءة العلمية كالجمال لدى الجنس اللطيف والعلاقات والانتماءات الحزبية، وقبل كل شيء امتلاك موهبة التزلف واعتبار غباء المسؤولين ذكاءً وقلة خبرتهم نعمة الهية ثم مشاركتهم في اغتراف اكثر مايمكنهم اغترافه من خير العراق لتعبئته في جيوبهم الواسعة..
عراقنا ليس ابا ظالما وابناؤه ليسواجاحدين لكنه عاجز عن حمايتهم لذا يلزم دور المتفرج وهو يرى كيف يصدرون خيرهم لغيرهم...
خيرنه.. لغيرنه
[post-views]
نشر في: 22 يوليو, 2013: 10:01 م