TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بلد في مهب الريح

بلد في مهب الريح

نشر في: 22 يوليو, 2013: 10:01 م

إذن ما الذي حققناه لحد الآن، إذا كان الإرهابيون قادرين على تنفيذ عملية عالية التكتيك واقتحام سجنين مهمين في بغداد، ومن ثم النجاح بتهريب أكثر من (500) سجين كما تؤكد التسريبات وتشير إلى أن فيهم أمراء خطرين بتنظيم القاعدة؟
هذا السؤال يكشف عن حقيقة بالغة الخطورة، وهذه الخطورة تتأكد إذا تذكرنا بأن وتيرة التفجيرات خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة تصاعدت بشكل كبير، وأن الاحصائيات العالمية تؤكد تجاوز عدد ضحايا أعمال العنف في الأشهر الثلاث الأخيرة (2500) مواطن، الأمر الذي يكشف عن أن التنظيمات الإرهابية باتت قادرة على تنفيذ سلسلة من التفجيرات المستمرة وفي مناطق حساسة من بغداد، وفي ذات الوقت تخطط، وتنفذ، بهدوء وصبر عملية نوعية بالغة الدقة تستهدف سجنين يفترض بأنهما محروسان بشكل كبير ودقيق.
إذن ومن جديد، ما الذي حققناه؟ إذا كنا لم نحقق شيئاً ملموساً على مستوى الخدمات، ولا على مستوى مكافحة الفساد، ولا على مستوى الأمن، فما الذي فعلناه؟ من جهة أخرى فإن مستوى الخروقات الأمنية التي نعانيها تكشف عن تورط طيف واسع من جهاتنا السياسية والأمنية بهذا الاختراق. فلو كان الدعم يأتي من جهة واحدة، لما استطاع الإرهاب أن يُنَفّذ ضرباته الموجعة دون أن يخسر شيئاً.
يعاتبني أصدقاء حول تركيزي على الكتابة في الشأن السياسي، معتبرين بأن مساحة الكتابة بهذا الموضوع باتت ضيقة الأمر الذي يجعل الآراء تتكرر باستمرار، وهذا الرأي وجيه، لكن كيف يمكن لأحدنا أن يغادر الشأن السياسي في بلد يحترق؟ كيف يمكن أن لا أكتب باستمرار عن الفساد وعن نقص الخدمات وعن الملف الأمني؟ لقد تجاهلت عمليات التفجير التي حدثت مؤخراً رغم أنها حدثت بمنطقة سكناي، تفادياً للتكرار، لكنني لم أستطع أن اتجنب الحديث عن عملية إرهابية تستهدف أهم سجنين في بغداد وتهرب أشد أمراء القاعدة شراً، فهذه العملية تحرك الكثير من المخاوف، بل هي تجعلنا نتساءل عن مستوى الأمن الذي تتمتع به بغداد، وإلى أي درجة نحن بعيدون عن ضربة قد تستهدف المنطقة الخضراء وتُحدث فيها زلزالاً سياسياً كبيراً؟
الجهاز الأمني الذي ينجح الإرهاب باختراقه إلى هذه الدرجة، هو جهاز ركيك وفاشل بكل المقاييس، ومن ثم فهو لا يمكن أن يوفر لنا أدنى مستويات الشعور بالأمان. والكيانات السياسية التي تدير دولة يلعب بمقدراتها الإرهاب بشكل سافر، هي كيانات مشكوك بولائها ولا يستبعد تورطها كلها بخيانة البلد وبيع مواطنيه حطباً لنيران الإرهاب الشريرة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. عبدالرحمن الجبوري

    الوقت قد حان للخيرين في البلد ومؤسسات المجتمع المدني بالضغط على الرئاسه والبرلمان ببمارسة دورهم التنفيذي والتشريعي والبدء باجراءت سحب الثقه من الحكومه لفشلها في حماية الدم العراقي

  2. عبدالرحمن الجبوري

    الوقت قد حان للخيرين في البلد ومؤسسات المجتمع المدني بالضغط على الرئاسه والبرلمان ببمارسة دورهم التنفيذي والتشريعي والبدء باجراءت سحب الثقه من الحكومه لفشلها في حماية الدم العراقي

  3. مروان

    سيدي من خلال منبركم الشريف اوضح حقيقه ان هيئه المسائله اقصت وهمشت ضباط اختصاص في عملهم ومهنيتهم ونحن لا ننتمي لجه سياسيه او شخص معيين نحن اكادميون اقصينا من مهننتنا وهذه هي نتيجه ذلك

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram