شهد العامان الماضيان عودة غير متوقعة لأفلام الأسود والأبيض: من الفيلم الفائز بالأوسكار لفئة صامت، بعنوان (الفنان) الى فيلم بن ويتلي القادم بعنوان (حقل في إنكلترا، فما الذي جذب هذين المخرجين؟ عندما كان بن هويتلي يعد لفيلمه، (حقل في إنكلترا)، عاد بذهن
شهد العامان الماضيان عودة غير متوقعة لأفلام الأسود والأبيض: من الفيلم الفائز بالأوسكار لفئة صامت، بعنوان (الفنان) الى فيلم بن ويتلي القادم بعنوان (حقل في إنكلترا، فما الذي جذب هذين المخرجين؟
عندما كان بن هويتلي يعد لفيلمه، (حقل في إنكلترا)، عاد بذهنه الى الوراء والحرب الأهلية في إنكلترا، وقام بتصوير عدد كبير من اللقطات التجريبية، كي تساعده على اتخاذ قرار حول كيفية تقبلها، وبعض تلك اللقطات كانت ملونة، وأخرى بالأبيض والأسود، وفوجئ المخرج بالنتيجة، ويقول عن ذلك، اللقطات الملونة كانت تجذب العينين الى لون الملابس والحقول والسماء، في حين في الأبيض والأسود، فان الاهتمام يتركز على الوجه والشعر ونسيج الحشائش.
وهويتلي الذي نشأ على أفلام مثل (قائمة القتل)، ليس المخرج الوحيد الذي تجذبه مثل هذه الأفلام فقبل فترة قصيرة لحق به جوس ويدون، بفيلم ذي ميزانية بسيطة، اقتبس قصته من لغط كثير حول لا شيء، تم تصويره في 12 يوما، مع ممثلين غير معروفين، في مدينته سانتا مونيكا، فرانسيزها، وفيلم الكسندر باين، (نيبراسكا)، الذي استقبل بحرارة في مهرجان كان الماضي، وسيعرض قريباً.
ويبدو لنا ان تقديم مثل هذا العدد من أفلام الأبيض والأسود، امر غير اعتيادي، ومن الواضح ان النجاح الكبير سيكون لفيلم (الفنان) وعلينا ان لا ننسى فيلم ميغويل غوميز، (تابو) وفيلم فرانكينويني لتيم بورتن وفيلم بابلو بيرغر (بلانكانيفيز) (سيعرض في الشهر القادم).
وبالرغم من هذا التوجه، فان إنتاج أفلام بالأبيض والأسود ، لا يزال يعد نوعاً من المغامرة التجارية، وعندما قدم الكسندر باين- الكاتب الفائز بالأوسكار، ومخرج، (الاحفاد) اعلن عن نواياه لتقديم (نيبراسكا) حاول الاستديو تغيير قراره.
فما الذي في أفلام الأسود والأبيض والذي يجذب صانعي الأفلام المعاصرين، بالرغم من العقبات التي تقف امامهم؟ هل انها جميلة حقاً؟ ومتحدثاً عن نيبراسكا (حيث نجد اباً يرافق ابنه في رحلة عبر اواسط اميركا).
يقول باين (انها قصة بسيطة، فضّلت ان تكون بالأبيض والأسود، صورة متقشفة مثل حياة الناس الذين يتحدث عنهم الفيلم).
وبالنسبة غيوف اندرو، مدير برنامج الفيلم في بي إف آي، فان الأبيض والأسود، يستخدم غالباً في السينما المعاصرة عندما يتعامل مع الماضي او للتعبير عن الحنين الى الماضي، بشكل من الاشكال، ويقول ايضاً، ان (نبراسكا) جرت احداثها فعلاً في الماضي، ولكنها ايضا تنتمي فعلا الى الماضي، وفي الفيلم نشاهد طريقة الحياة الامريكية انذاك وكيف تغيرت اليوم، انه من افلام الحنين الى الماضي.
اما فيلم (فرانسيزها) فهو على العكس من الامر، فهو عن امرأة شابة في العصر الحديث، تعيش في نيويورك، حائرة بالنسبة للمستقبل، والبطلة (غريتا غيرويغ) تكافح من اجل التقدم في حياتها، والفيلم كما هو واضح، يتطلع الى الخلف، نحو افلام الموجة الجديدة لعدد من المخرجين الفرنسيين وعلى الاخص فرانسواز تروفو، وايضاً الى الافلام الكلاسيكية القديمة بالأبيض والأسود، مثل (مانهاتن لوودي ألن) الذي يحن بدوره الى مرحلة فيلمية سابقة.
وهذا الميل نحو هذا النوع من الأفلام، له فوائده العملية، ان الأفلام الأربعة قد صوّرت اولاً بالألوان تم تحويلها الى الأبيض والأسود لاحقاً.
وبالرغم من منح جوس ويدون فرصة للتصوير الخارجي، فانه لم يحس بالحاجة الى اعادة صبغ عدد من الابواب، عند اعادة التصوير، اما فيلم (لغط كثير حول لا شيء) فقد صوّر اصلاً بالأسود والأبيض، في أجواء كاليفورنيا، وممثلين يتميزون بالجمال.
ويبدو الامر صعباً ان فكرنا ان تلك الافلام تبدو افضل بالالوان، مهما قال الاستديو، فان فيلم (نيبراسكا) يبدو مطابقاً جداً للقصة التي يتحدث عنها اما غياب اللون عن (حقل في انكلترا). فهو يمنح اجواء نفسية تتلاءم مع القصة وعمل سام ليفي أدى الى تفوق فيلمه (فرانسيزها) في تقديم مناظر مدينة نيويورك، متفوقاً بذلك على سائر الأفلام الأخرى.
وفي الوقت الذي يبدو فيه ان عودة كبرى الى أفلام الأبيض والأسود، فان محاولة عدد اكبر من المخرجين، لتحقيق افلام من هذا النوع، هي محاولة لجعلها ضمن المشهد السينمائي المعاصر.
ويقول الناقد والمنتج مارك كوزينز، ان أفلام الأبيض والأسود تربطنا بأجمل ايام السينما، لقد اصبحت السينما فناً مع الأبيض والأسود، وكان هناك آلهة من الفنانين: أورسون ويلز، شارلي جابلن، ياسوجيرو أوزي، كارل ثيودور دريير، صوّر بالأسود والأبيض وحتى هذا اليوم، عندما يشاهد الناس تلك الأفلام القديمة، يحسون انهم بين الآلهة.
عن: الأندبندينت