اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > الكرخي شاعرا وطنيا

الكرخي شاعرا وطنيا

نشر في: 4 نوفمبر, 2009: 02:45 م

زاهد محمد ما اسكت اذا بالضرب جلبوني الى رأس الجسر وبحبل شنقوني ام في قعر بير اسود يحبسوني لقد اشرنا خلال المقدمة التي عقدناها موجزا لحياة الملا عبود الكرخي بشكل عابر الى انه كان يمثل ذهنية وطراز تفكير البورجوازية الصغيرة التي تشكل جماهير الكسبة والحرفيين والمثقفين وصغار التجار،
وتسير هذه الفئات الاجتماعية من الناس عادة بانها متحمسة مندفعة احيانا، وبائسة قانطة احيانا اخرى، متفائلة مستبشرة في وقت من الاوقات، جازعة متطيرة في وقت آخر، وكل ذلك نابع بطبيعة الحال من الوضع الاجتماعي والاقتصادي غير المضمون وغير المستقر الذي تشغله هذه الفئات في مجتمع كمجتمعنا تشتد فيه الازمات السياسية والاقتصادية وظلت تتحكم فيه حتى الى مابعد وفاة الكرخي بسنوات طويلة فئات بيروقراطية متملكة تسندها حراب المستعمرين وشركاتهم الاحتكارية. وبينما يشتد نضال الشعب من اجل الحرية ويتعاظم الكفاح الشعبي الواسع من اجل مطالب الجماهير، وتشتد معها شراسة القوى الرجعية المعادية، فان فئات البرجوازية الصغيرة وممثليها السياسيين والفكريين تتخذ مواقف قد تتناقض احيانا خلال فترة زمنية قصيرة وازاء وضع وارهاب القوى الرجعية الحاكمة. وعلى ضوء هذه المقدمة الوجيزة يمكننا القول ان مواقف الكرخي كانت تتميز على العموم بطابع القلق والتردد والخوف من السلطة ومداراتها احيانا، في حين كان يقف في احيان اخرى مواقف تتسم بالجرأة والثبات، بل التحدي ايضا. وعلى وجه العموم يمكن القول ان الملا عبود الكرخي رغم انه من العناصر الوطنية التي لايشك في اخلاصها للوطن، لم تكن له مع ذلك مواقف سياسية ثابتة وشاملة تجاه جميع الاحداث، مع انه عموما كان الى جانب الفئات الوطنية ولم يضع نفسه يوما في موضع المناوئ لها، الا انه يجب ان لايفوتنا الاشارة الى حقيقة انه لازم الملك فيصلا الاول ومن بعده غازي ومدحهما بشعره واعتز بانهم قربوه اليه واغدقوا عليه. الا ان مايجب ان نؤكد عليه هو ان هذه النواحي السلبية في حياة الملا عبود الكرخي، لايمكن ان تقوم حجابا بين الكرخي على حقيقته وبين الناس، ولايمكن بحال من الاحوال ان تنهض دليلا على ان الكرخي لم يكن شاعرا وطنيا، وانما هو مجرد مداح للملوك ينتظر منهم العطايا والهبات، كما يعتقد –خطأ- بعض الناس ممن لم يطلعوا بما فيه الكفاية على مختلف جوانب حياة الكرخي وابداعه الادبي بالارتباط مع الظروف التاريخية التي عاش فيها. لقد كان المرحوم، الملا عبود الكرخي شاعرا وطنيا، ليس بشعره فحسب، بل بسلوكه الشخصي خلال عمره الطويل. لقد احب وطنه بعمق وتألم لالامه، وثارت نخوته لكل اهانة تلحق بالوطن، وكان معارضا لكل انواع التدخل الاستعماري في شؤون البلاد، وحربا عوانا على عملاء الاستعمار الذين نصبهم المستعمر الغاشم لتنفيذ مآربه وغاياته في امتصاص دماء الشعب ونهب ثرواته الوطنية والتحكم برقاب ابنائه المخلصين. ما اترك عن الخائن اذا حكمني القانون بشنق وبحكمه يعدمني لان من اترك العالم تشتمني ويعدوني ما افهم غبي وحيوان انا طبعي البيه ما يخليني صار الصدك عندي مذهبي وديني دع الكذاب والخائن يعاديني انا من حقدهم مد الدهر فرحان ولتعضه الحية هالمثل مضروب يخاف من الحبل يبقه الدهر منكوب الف عضه انا انعضيت قط ما توب من خدمة الامة وخدمة الاوطان وكان الملا عبود الكرخي حتى في مدحه للملوك الهاشميين- وهو قليل على كل حال ينطلق من اعتقاده وهذا دليل على عدم خبرته السياسية ان فيصلا الاول مثلا قد حصل للعراق بدهائه على الاستقلال وافلح في ادخال العراق الى عصبة الامم، جاعلا اياه من الدول المستقلة، وانه كان مناوئا للانجليز في دخيلته، ويتضح ذلك بجلاء من قصيدته المشهورة التي نظمها بمناسبة وفاة فيصل الاول والتي مطلعها: ياسفينة التايهه وطرهه الفلك مات فيصل ياغريب اذكر هلك وفيها يقول.... مات فيصل، مات عزك يافقير ياعراقي بمن بعده تستجير من الشدد والنكب واليوم العسير بعد عينه عاد منهو اليكفلك؟ هو الحصل على استقلالك تره ياعراقي وارغم الانجلتره تعب جد اجتهد شعبك حرره وملك حلم وعمل ماغيره ملك وبمناسبة استشهادي بأبيات من هذه القصيدة، اود الاشارة الى ان الكثيرين من الناس يعتقدون ان البيت الثاني في مطلعها: مات فيصل ياغريب اذكر هلك انما يشير الى معارضة الكرخي للاسرة الهاشمية المالكة، وانه يقصد بذلك ان فيصلا قد مات فاذكروا اهلكم ايها الهاشميون وانتم غرباء عنا، وعودوا الى بلادكم فالشعب لايريد هذه الاسرة المالكة. انني اعتقد ان هذا التفسير لايمكن ان يكون مطابقا لما اراده الكرخي، بدليل مواقفه العامة تجاه فيصل ومن بعده ابن غازي الاول وبدليل القصيدة نفسها الا انه يمكن القول بان الناس قد فسروا هذا البيت بهذا الشكل تعبيرا عن رغبتهم هم في الخلاص من الاسرة الهاشمية وشعورهم بانها غريبة عنهم.. وانها قد تربعت على عرش العراق برغبة الاستعمار البريطاني وعلى رؤوس حراب قواته المحتلة، ومع هذا فان احتمال الثورية في قصيدة الكرخي وارد ايضا لانه كان في اعماقه يشارك الشعب شعوره تجاه العائلة المالكة. وعلى كل حال فان مسألة النظام الملكي في عهد الكرخي لم تكن هي المسألة الرئيسة والحاسمة في جدول القضايا الوطنية الملحة. حتى يمكن الحكم على وطنية الكرخي م

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

فريق ألماني يكتشف مدينة تاريخيّة وأقدم إمبراطوريّة إنسانيّة من العهد البرونزي في دهوك

مارلين مونرو.. قصة حزينة جداً!

قراءة في كتاب: دراسات في تاريخ الاقتصاد والفكر الاقتصادي

القذافي.. سيرة حياة كارثية!

السحر الغريب لألف ليلة وليلة

مقالات ذات صلة

بالصور| بيت المدى ومعهد غوتا يستذكران الموسيقار محمد جواد أموري
غير مصنف

بالصور| بيت المدى ومعهد غوتا يستذكران الموسيقار محمد جواد أموري

بغداد / المدىعدسة: محمود رؤوفأقام بيت المدى التابع لمؤسسة المدى للاعلام والثقافة والفنون وبالتعاون مع معهد غوتا، اليوم الجمعة، فعالية تحت عنوان "محمد جواد أموري.. صانع النجوم"، بمناسبة مرور عشرة اعوام على رحيل الملحن...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram