في غفلة من أجهزة وزارات الداخلية والدفاع والعدل مجتمعةً، حتّى لانقول تغافلاً، تمكّنت مجموعة إرهابيين، من اختراق حصون السجن الأكبر في العراق، وهرّبت منه حوالي ألف معتقل مدان بعمليات إرهابية، كانت نُفّذت وحصدت أرواح العشرات من العراقيين، كُل ذنبهم أنهم يعيشون في دولة، تعجز عن صرف موازنتها السنوية، وعن إنشاء جهاز استخبارات فاعل، لايتم التعيين فيه بحسب الطائفة، وتعجز حتّى عن منع مجموعة تدعي انتسابها إلى العشائر، من فرض قوانينها بالقوّة في أحياء العاصمة، البعيدة عن المنطقة الخضراء.
لايمكن لأي مسؤول عراقي الزعم بأنّ العملية مفاجئةً، إذ سبق لزعيم دولة العراق الإسلامية أبو بكر البغدادي، أن توعّد قبل عام بعملية "تحطيم الأسوار"، لكن كل المسؤولين ناموا على حرير وهمهم بالسيطرة على الأمور، ما داموا هم آمنين، في حين تبرّعت وزارة العدل، لتكون محل السخرية والاستهزاء، بإعلانها إحباط محاولة اقتحام السجنين، وأنه تم احتواء الموقف، والسيطرة على السجنين وإحباط الهجومين،وكأنّ المهاجمين كانوا بصدد احتلال أبو غريب والتاجي، فمنعهم الحُراس من تنفيذ مخططهم، لكنهم سمحوا لهم باصطحاب ألف إرهابي معهم.
لم يصغ أي مسؤول عراقي، للتحذيرات الإقليمية والدولية من دخول البلاد في حرب أهلية، واستمر سياسيو آخر زمن في تبادل الاتهامات بالمسؤولية عن الأعمال الإرهابية، في حين بلغ عدد القتلى الذين سقطوا في الأشهر الثلاثة الماضية 2500 قتيل، قضوا على مذبح الإهمال، ورغم أنّ حكومة المالكي، وهي في موقف لا تحسد عليه، واصلت التعهد بملاحقة مرتكبي أحداث العنف، فإنّ مؤازريه يروجون أنها ناجمة عن الانفلات على الحدود مع سوريا والعراق، ويحاولون الإيحاء بأن التصعيد الأمني، يستهدف هيبة الدولة والعملية السياسية بشكل مباشر.
يُنكر المسؤولون، أن سبب هذه الموجة من أعمال العُنف، هو الفساد السياسي، الذي ينسحب على القيادات الأمنية التي بلغ عدد تابعيهم فيها أكثر من مليون مقاتل، ويصرفون من ميزانية مرتفعة، ويُنكرون أنّ عدم التوافق والتفرد، الذي تمارسه حكومة المحاصصة يشكل غطاءً لعمليات فساد ممنهجة، ويرفضون الاعتراف بفشلهم، بحديث ممجوج عن المؤامرات الدولية والإقليمية، ويُروجون أن قوىً خارجيةً تدعم وتمول أعمال العنف الأخيرة، التي تفوق قدرة وإمكانيات تنظيم القاعدة، وكأنّ علينا التصديق أن القاعدة مُنيت بالهزيمة على يد قوات المالكي، وأنّ الإرهاب الذي يُروّع الجميع، من صنع أيد خفية مرتبطة بالخارج، هل من يتذكر أسطورة أبو طبر؟.
أمام كل هذا الانفلات، الناجم عن التقصير، لابُدّ من إعادة النظر في كل القيادات الأمنية، وأن تتمثل كل المكونات السياسية في الوزارات المرتبطة بأمن المواطن وهيبة الدولة، إذ ليس منطقياً أن يقود المالكي كل المناصب الأمنية، ولا بد أن يُقر البرلمان قانون انتخابات يعكس توجهات العراقيين، ويقيناً أنه لو شهد أي بلد في العالم، ما شهده سجنا ابو غريب والتاجي، لما استمرّ المسؤول في موقعه لحظة واحدة، وهو في الحالة العراقية، رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي بات لزاماً تنحيه، أو ترك الأمر للتحالف الوطني الشيعي، لاختيار بديل فوري له.
العراق وغزوة أبو غريب
[post-views]
نشر في: 24 يوليو, 2013: 10:01 م