اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > (نوستالجيا) الرسم ومجاوراته في أعمال الفنان طه سبع

(نوستالجيا) الرسم ومجاوراته في أعمال الفنان طه سبع

نشر في: 26 يوليو, 2013: 10:01 م

اذا كان (الجاحظ)قد أفاد بيسر وبلاغة نادرة بأن ( خير الكلام ما قل ودل .... وافصح عن معنى ) فان إعادة الإفصاح برسم وتقصي آثار( النوستالجيا) عبر تخرصات الحنين (الكاوي) الى الماضي... الماضي ذلك السر الحزين... الذي عادة ما يتشكل وينمو ويتعمق في فلوات الغر

اذا كان (الجاحظ)قد أفاد بيسر وبلاغة نادرة بأن ( خير الكلام ما قل ودل .... وافصح عن معنى ) فان إعادة الإفصاح برسم وتقصي آثار( النوستالجيا) عبر تخرصات الحنين (الكاوي) الى الماضي... الماضي ذلك السر الحزين... الذي عادة ما يتشكل وينمو ويتعمق في فلوات الغربة وفيافي المنافي سواء أكانت إجبارية خاضعة لأسباب عدة، أم كانت طوعية-اختيارية معدة أو غير معدة،كالذي حصل مع الفنان التشكيلي العراقي (طه سبع/تولد بغداد1947) الذي قصد (مراكش/المغرب) سائحا،متأملا المكوث فيها لمدة أسبوع واحد أو أكثر بقليل في العام/1977،لكنه بقي فيها ستة وثلاثين عاما متواصلة، وقد التقيته مصادفة في تموز هذا العام/2013من خلال مشاركتي كناقد ومتابع للفن التشكيلي في ملتقى (مراكش)حيث أتاح لي(طه سبع) متعة معاينة مراحل تجربته وفحصها عن قرب عبر ترسيم معابر انصياعه للرسم- رغم دراسته (الفيزياء/جامعة بغداد ما بين 1976-1971) وعمله مدرسا لمادة العلوم الطبيعية- ومحاولات توحيد صفوف تلك التجربة التي أينع قطافها من خلال معرض شخصي أقامه في بغداد/1970،متأثرا بأعمال(خوان ميرو/بول كلي/وبيكاسو)،حسب زعمه وخلاصات ما جاء في متن كتاب خاص عنه صدر عام/2005في تلك المدينة التي أحب وأحبته للكاتب المغربي (عبدالغفار سويريجي) والمعنون (كرس المتوحد /اللوحة الهاربة ... تأملات في عمل الفنان العراقي طه سبع) معززا بنماذج من اعماله في (مراكش) ومترجما من العربية الى اللغة الإنكليزية/متضمنا مقدمة ومقالا لهذا الكاتب والناقد فضلا عن دراسة وافية،منهجية و مجتهدة للناقد والباحث (د. محمد آيت لعميم) تحت ثريا عنوان شيق هو( طه سبع ... الاحتشاد في اللوحة ، مواجهة لعزلة الكائن).
-كان لابد من تتبع خيوط هذه المقدمة التمهيدية في تناوب رسم (بروفايل) لها، ومن ثم الانطلاق والتحليق في فضاءاتها الشاخصة-المخلصة لينابيع وعيها وحلاة طعم ماء بئرها الأول الذي غرف من (طه) ليس من باب كونها استجابات استباقية في ترجمة رحلة هذا الفنان فقط، بل لكونها-أيضا- منطلقات ضرورية في احكام بوادر الاهتمام عبر نوبات التقصي واعتمادات الرصد والمثول أمام نتائج ما توصلت اليه هذه الظاهرة، ولعلي هنا...أعني بنعتها-قصدا- بالظاهرة كونها حفرت مياسم نفسها بنفسها، واستحالت تجربة متوحدة في مستهلات اهتمامها بالانسان من أجل انسانية الانسان من خلال اعلاء شأن الجمال وملكات وجوده حرا..طليقا... متفردا... وأبديا في ذات لحظات الذوبان الذات بذاتها العليا،حتى وان غاب أو حذف التشخيص (الفكر)في الكثير من أعمال (طه) لكن آثار(الانسان) ومتممات وجوده ماثلة في بنود وحدود مرتسماته اللونية وحيوية دوائره وتداخل أفعال حركات واستدارات حسية-نفسية،تتهجى حروف مباهج حريتها السابحة في نسيج استطالات لظلال ملونة ... مغمورة بهاجس الحركة وتماهي الفعل مع مسببات حتمية وجوده الدائم على عموم مساحات ومسامات السطح التصويري المهيأ مثل حقل نابض ... سخي رافل بنهج مباهج لونية وخطوط حانية هي الأخرى تزخ بها سحائب أمطار كانت قد اقترحتها ذائقة ووعي فنان لم يزل يمسك بتلابيب أحلامه ويعيد ترتيب وتنسيق هواجسه، وربما كوابيسه-أيضا- بما يلائمها وبما يليق بحجم جحيم وجع ذلك الحنين الطاغ والخفي معا لأيام تناسلت لحظاتها وتداخلت حد التماهي مع بعضها، حتى غدت كتلة واحدة متراصة بكليتها من (الأنا) الفاعلة والمدوية في ضمير ووجدان (طه السبع) المجبول على معانقة أحزانه،ومحاولات رصها بالحركة والدوران المستمر لكي لا تنفضح بعض جوانبها، وتعيق لعبة ربط الحنين بمقاومته بالرسم وكل ما يجاوره من مقتربات خط وتصميم وإخراج فني عام لمقام اللوحة الواحدة الراكضة في أتون نسيج سابح (هيولى) لا يهدأ، الا لكي يستمر ويمتد أو يتطاول، لذا لا يمكن -في الأقل- ترتيب مراحل هذه التجربة الظاهرة وفق معيار فهم خاص ومحدد،يسعى لان يلخص مقومات ومسببات اعتماد (طه)على الدوائر مثلا، فهي اساس الحركة ومهاد اللعب النفسي (سايكو-دراما) الذي يراهن عليه في مقاومة الضجر ومعاندة اليأس،ولي ذراع الحنين بالعبور عليه.
-نعم لا يمكن اغفال الجوانب النفسية على حساب الجوانب الحسية التي تتمتع بها لوحات (طه سبع) في قدرة تبنيها الرسم و(لذائذه) ومهابة استبساله في الدفاع عن معنى ومغزى الحياة من هنا يسير( الحسي مع النفسي) لديه جنبا الى جنب وهو يعمد على تعميد الإبقاء على لغة التعبير الرافضة للسكون وتبسمرات الركود الضمني والمفضي الى التأمل العادي والتقليدي في نحر وتوريد طاقات الجمال من خلال مسارب اللون كجهد أضافي في استنطاق مكونات لوحاته الماثلة لحشود وتنويعات لوحدات تتابعية رصينة ومتزنة في توريد ما تريد من أفكار وحالات وذكريات و اضاءات، أظنها تعادل قيمة ما تسعى اليه استعدادات فنان تماهى متوحدا مع ذاته وعوالمه،ولم يجاهر بأحزانه وبوح اسراره، هكذا دون رادع يثني ملكات وعي علمي (فيزيائي) وتطلع فني راسخ في قيعان الروح (رسم) ومجاورات تصميم ومهارات تضمين لاعمال تراثية (انتيكا) تزيد من لغة التحاور مع الأشياء والموجودات التي تحيط ب(طه) وتدفع به نحو هذا الانهماك والتلاقي مابين ذات طافحة بالحب للحياة والانسان أين ما كان، وأخرى تائقة لماضيها وجذرها الأول ونبع ارتوائها الألذ و الأشفى لكل أنواع أمراض وأعباء الغربة.
ولعل التقييم النهائي لتجربة (طه سبع) لا تقع،فقط، في مضمار معارضه الشخصية في مراكش/1995ببهو المركز الثقافي الفرنسي،و نادي القضاة ورياض السلام ومرسم المدينة، فضلا عن مقتنيات في العديد من قاعات العرض داخل وخارج المغرب وبعض العواصم والمدن الاوربية، بل هي بحاجة الى تسواق نقدي يوازي ثقل التزامها بالتراث،كقيمة نوعية تم اختبارها واكتساب درجة قبولها القطعية من قبل الزمن،ودرجات فهمها للحداثة كقيمة تداولية تؤشر بانساق تطلعاتها صوب المستقبل دائما،ولم يزل يراهن عليها الفنان في تعضيد تجربته التي نمت وتطورت وعرشت بظلالها خارج الوطن- العراق، وسيكون لنا عدة وقفات تقييمية معها، بغية الاحتفاء بمجزها و تفنيد دواعي وأسباب اهتمامنا النوعي بها .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

واشنطن تحذر بغداد من التحول الى "ممر" بين ايران ولبنان

تقرير أمريكي: داعش ما زال موجوداً لكنه ضعيف

انتخابات برلمان الاقليم..حل للازمات ام فصل جديد من فصولها؟

صورة اليوم

المباشرة بتطبيق الزيادة في رواتب العمال المتقاعدين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

باليت 42 بدايات عام جديد

السُّخرية السريالية ودلالة الأيقون في أعمال الفنان مؤيد محسن

المصرف الزراعي في السنك: بزوغ الحداثة المعمارية العراقية

عمارة تلد مسابقة!

دار هديب الحاج حمود.. السكن رمزاً للانتماء

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram