TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الشتم على الهوية

الشتم على الهوية

نشر في: 26 يوليو, 2013: 10:01 م

تبادل الاتهامات بين القوى السياسية المشاركة في الحكومة ، أخذ في الآونة الأخيرة طابع الشتم على الهوية ، أو بكلمة أدق على المذهب والقومية والمناطقية والعشائرية ، وهذا الابتكار في الشتم ، تغذيه  على مدار الساعة وسائل إعلام من فضائيات، ووكالات أنباء وصحف ومواقع  إلكترونية تابعة لأحزاب متنفذة ، لطالما ادعت امتلاكها تراثا نضاليا  في الدفاع عن المظلومين.
الحق يقال ان فضائيات الشتم على الهوية، هي  صاحبة الابتكار الجديد باستحداث برامج تعتمد على اتصالات المشاهدين ، للتعبير عن آرائهم بقضايا معينة ، وخاصة في الأيام التي تشهد حوادث أمنية ، أو حالات تهجير أو تنفيذ صولة على المقاهي ، وشن حملة مداهمة واعتقال في مناطق الطارمية والتاجي وأبو غريب ، أو في حال استهداف حسينية في  حي العامل ،  أو جامع في العامرية ، وأثناء اتصال المشاهد المنفعل أصلا من الحدث ، تسمح له الفضائية بان يوجه هاونات الشتائم إلى  شخصيات سياسية ، وبرلمانيين ، لأن هؤلاء بنظره يقفون وراء دعم التكفيريين  الذين يستهدفون الشيعة ،  وفي فضائية أخرى يشتم المشاهد الميليشيات وقادتها لأنها هجّرت أهالي قضاء المقدادية ، والشتيمة تمتد  لتطول إيران ،  لأنها تريد القضاء على سنة العراق ،  تنفيذاً لمخطط مجوسي على حد قول المشاهد.
فضائيات الشتم على الهوية بإصرارها على اعتماد خطاب أحزابها ، ورفضها الاقتراب والانفتاح على الطرف الآخر، أعطت دليلا واضحا قد يكون بعلمها، بأنها أصبحت أداة فاعلة  لإثارة الشحن الطائفي ، ولاسيما ان بعض العراقيين المطيعين "لسياسيي أبناء القائمة المغلقة" على استعداد ، لرفع برقيات تجديد عهد الولاء المطلق ، لمن يعتقدون انه الرمز المعبّر عن إرادتهم.
يوم كان تلفزيون الشباب يصول ويجول في الساحة  الإعلامية العراقية، اعتمد اتصالات  المشاهدين ،  عبر الهواتف الأرضية للتعبير عن آرائهم ، وبعد أيام من هروب حسين كامل مع شقيقه  وزوجتيهما وأطفالهما  إلى الأردن ، خصص التلفزيون احد برامجه لاستقبال الاتصالات بشكل مباشر ، وسارت الأمور بشكل طبيعي، ولكن احد المتصلين ، ويبدو انه كانت له مآرب ،وجه الشتائم من العيار الثقيل طالت حسين كامل  وعشيرته   ، وبعد انتهاء  البرنامج ،  صدر قرار بإرسال المقدم ومدير التلفزيون إلى الرضوانية  للدخول في معسكر ضبط ، والاستسلام لعقوبة "الفلقة الصباحية " فيما تحركت الجهات الأمنية، عن طريق رقم الهاتف الأرضي   للتعرف على المتصل ، ولفشلها في القبض عليه ،  احتجزت  صاحب محل كماليات
في حي البياع  بوصفه مالك الهاتف ، وتعرض الرجل لأقسى أنواع التعذيب ،ولم يكن في
وسعه تذكر الشخص الذي استخدام هاتف المحل، ليعبر عن رأيه  بقضية هروب حسين كامل.
في أجواء التوتر السياسي  والتدهور الأمني تعمل الفضائيات المدعومة من  دول خارجية على كل ما يخدم مصادر تمويلها، سواء بإحداث زلزال طائفي، أو بإثارة ملفات قديمة ،من قبيل   
من كسر خشم خمش ، وللمزيد من التواصل، تابعونا على  فيسبوك وتويتر .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. alkhazraje

    ككل الشكر والامتنان والتقدير العالي للاستاذ الكاتب علا حسن لمل يقدمه من مقالات سياسية غاية في الروعة والاداء الموشوم بحب الارض والوطن والدفاع الواعي والملتزم عن الشرائح الاجتماعية المهمشة . فله كل الإحترام والود مع وافر المحبة .

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

العمود الثامن: ليلة اعدام ساكو

 علي حسين الحمد لله اكتشفنا، ولو متاخراً، أن سبب مشاكل هذه البلاد وغياب الكهرباء والازمة الاقتصادية، والتصحر الذي ضرب ثلاثة أرباع البلاد، وحولها من بلاد السواد إلى بلاد "العجاج"، وارتفاع نسبة البطالة، وهروب...
علي حسين

قناطر: المسكوت عنه في قضية تسليم السلاح

طالب عبد العزيز تسوِّق بعضُ التنظيمات والفصائل المسلحة قضية الرفض بتسليم أسلحتها الى الدولة على أنَّ ذلك قد يعرض أمن البلاد الى الخطر؛ بوجود تهديد داعش، والدولة الإسلامية على الحدود مع سوريا، وأنَّ إسرائيل...
طالب عبد العزيز

ناجح المعموري.. أثر لا ينطفئ بعد الرحيل

أحمد الناجي فقدت الثقافة العراقية واحداً من أبرز رموزها الإبداعية، وهو الأديب ناجح المعموري الذي توزعت نتاجاته على ميادين ثقافية وفكرية متعددة، القصة والرواية والنقد والميثولوجيا. غادرنا بصمت راحلاً الى بارئه، حيث الرقدة الأخيرة...
أحمد الناجي

من روج آفا إلى كردستان: معركة الأسماء في سوريا التعددية

سعد سلوم في حوارات جمعتني بنخبة من المثقفين السوريين، برزت «حساسية التسميات» ليس كخلاف لفظي عابر، بل كعقبة أولى تختزل عمق التشظي السوري في فضاء لم تُحسم فيه بعد هوية الدولة ولا ملامح عقدها...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram