وانا اتابع، يومياً، تطورات حملة إلغاء تقاعد البرلمان اشعر بالاستغراب، واسأل نفسي: هل يعقل أن لدينا نشطاء مثابرون وشجعان لهذه الدرجة؟ هل يعقل أن بقيّة من الحياة ما زالت تنبض في داخلنا؟ فخلال الأيام التي مضت أخَذَت هذه الحملة تُنظّم انشطتها بذكاء، وراح منظموها يمسكون بخيوط لعبة المطاولة بمكر رائع. أقصد أن إصرارهم على الاستمرار بصبر وثقة، بعث فيَّ التفاؤل، وقدرتهم على التنسيق والتنظيم أثلجت صدري، وذكاءهم بالابتعاد عن الانجرار وراء أي حزب أو كيان اشعرني بالغبطة.
لا احد يستطيع أن يعرف الأرض التي يمكن أن تنبت داخلها بذرة النجاح. لذلك كثيراً ما تنمو تلك البذرة وتتحول إلى شجرة كبيرة ونحن لاهون عنها ونحرث في الارض البوار، ثم هكذا وبدون سابق إنذار نكتشف أن نجاحاً مهماً انبثق بغفلة منّا.
ليس المهم أن نلغي تقاعد بعض ممن ابتلينا بعطالتهم عن العمل، وثقالة دمهم وسوء طويتهم، أو نقلل من هذا التقاعد، لكن المهم أن نكتشف المارد فينا، المهم كل المهم أن نثق بأننا أسياد الموقف وقادة الميدان وربابنة السفينة. الشرعية شرعيتنا، والأموال أموالنا والبلد بلدنا، وعلى من يريد أن يتبرع لخدمتنا أن يرضخ لشروطنا، لا أن يملي علينا شروطاً تُكلّفنا تلبيتها أضعاف ما كنّا نترقب من فوائد خدمته، هذا إذا كانت وراءه خدمات مفيدة.
خلال الأسابيع الأخيرة حدث الكثير من الأزمات، وكان الحديث عن إلغاء تقاعد البرلمانيين، لشدة تلك الأزمات، يبدو وكأنه إيقاع نشاز، وكنت أخشى أن يفقد نشطاء الحملة قدرتهم على المطاولة، ويخفت صوتهم تدريجياً، لكنهم كانوا أكثر صبراً وحنكة من مخاوفي، ولذلك بدأت ثمار صبرهم تنضج.
إذا استطعنا أن ننجح بإدارة عدَّة حملات من هذا المستوى، فلن نعود بحاجة إلى الانتفاضة العامة الشاملة، فمثل هذه الانتفاضة قد تدخلنا تيهاً لن نخرج منه دون أن نتكبد خسائر فادحة، وقد تكون اهون هذه الخسائر أننا لن نخرج ببلد موحد.
حملة إلغاء تقاعد أعضاء مجلس النواب، حملة تهدف إلى إعادة الأمور إلى نصابها، وقد سلكت أكثر الطرق اختصاراً، فالبرلمان هو رأس الهرم، ومن خلال إصلاحه يمكن إصلاح جميع المشاكل الأخرى. يمكن من خلاله تشكيل حكومة خدمات لا حكومة شعارات، ويمكن من خلاله ملاحقة الفساد، ويمكن من خلاله مساعدة القضاء على غسل ثوبه مما علق به من أدران .
تقاعدكم أيها السادة ليس هو الهدف، لكن الهدف هو فسادكم وفشلكم وعطالتكم، وما التقاعد إلا رمز للخسارات التي منينا بها بسببكم، ولا تقولوا بأننا نحملكم أكثر مما تتحملون، فليس هنالك مسؤول عن الخراب غيركم، بيدكم التشريع وأنتم المسؤولون عن المراقبة والمحاسبة، إذا فكل رياح الخراب هبت علينا من ابوابكم.
ماردٌ في الجماهير يتحرك
[post-views]
نشر في: 28 يوليو, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 2
شموع الفرات
حلقة الوصل بين الشعب وجهاز الحكومه هوالبرلمان وهوصمام الامان لكل الشعوب بوجه تجاوزات اي فردمن افراد الحكومه,وفي العراق عكس العالم باكمله,فاعضاء البرلمان (مع احترامي لكل شريف بينهم)هم بوابة الخطر لشعب العراق ولكل كتله تحالفات مع عصابات الشر من كل نوع ومع د
حامد الحلو
الاخ العزيز سعدون مشكلتنا كعراقيين مشكلة مركبه مابيبن الشخصيه والظروف التي مرت على البلد ابتداءا من ثورة العشرين ( سيئة الصيت في نظري ) الى يومنا هذا ولهذا اصبحت الاتكاليه ملازمه للشخصيه العراقيه باسثناء بصيص الامل في بعض الافراد ومن هذا اغلب الشعب العراق